الأربعاء، 1 سبتمبر 2010

أسرار تفوق دول العالم الأول

الوطن السعودية ـ فواز العلمي 31/08/2010
في القرآن الكريم وردت كلمة العلم في 540 آية، ووردت مُشتقّات كلمة العقل بالصيغة الفعليّة 49 مرة.
ليس المقصود بالعلم علوم الدين فقط، وإنّما القصد جميع العلوم التي تنفع البشرية، وترفع من قدر الإنسان، وتنمي مداركه العقلية، وتطلق العنان لمنابع أفكاره وطموحات مواهبه. وليس المقصود بالعقل شراء التقنية ونقلها فقط، وإنما القصد بناء الطاقات البشرية وتدريب القدرات الإنسانية، وتسخير البحث والابتكار لتطويع نتائجها لصالح الإنسانية جمعاء.
لو كان القصد غير ذلك لما تفوق علماء المسلمين في أوج الحضارة الإسلامية على غيرهم من علماء القرية الكونية في كافّة علوم الطبّ والجبر والهندسة والفلك والرياضيات... وفي العلوم الموسيقية أيضاً.
ولو كان الأمر عكس ذلك لما احتلّت الدول الأوروبية اليوم مركز الصدارة في العالم من حيث العلم والبحث والابتكار. فالسويد التي لا تملك المزايا التنافسية، تبوأت المركز الأول في البحوث العلمية، قبل اليابان والولايات المتحدة الأمريكية، وجاءت فنلندا في المرتبة الرابعة قبل الصين وكندا وجنوب أمريكا.
والسبب في هذا التفوق أن السويد تخصص سنوياً 5% من ناتجها الوطني للبحث العلمي، بينما تتراوح هذه النسبة بين 1% في دول أمريكا الجنوبية و2.7% في دول جنوب شرق آسيا، و3.5% في فنلندا، و3% في اليابان، و3.3% في الولايات المتحدة الأمريكية، وارتفعت نسبة الإنفاق على البحث العلمي في إسرائيل إلى 4.7%، لتفوق ما تخصصه جميع الدول العربية مجتمعة بنحو 400%.
يوجد في القرية الكونية حالياً 203 دول ذات سيادة مطلقة، أكثرها سكاناً دولة الصين التي تحتوي على 1.328.000.000 نسمة، وأقلها سكاناً جزر "بيتكيرن" البريطانية التي تحتوي على 50 نسمة فقط. وتشكل مجموعة الدول المتقدمة، التي يُطلق عليها اسم دول العالم الأول، 20% من مجموع دول القرية الكونية. وبينما تقع إسرائيل ضمن مجموعة الدول المتقدمة، لا توجد أية دولة عربية أو إسلامية واحدة فيها، لكون 34% من دول العالمين العربي والإسلامي تقع ضمن مجموعة الدول النامية، وما تبقى منها يقع في مجموعة الدول الفقيرة والأقلّ نمواً.
57 دولة إسلامية يقطنها 1400 مليون مسلم، يشكلون ما نسبته 22% من سكان العالم، يعيش 37% منهم تحت خط الفقر، ويستورد 52% منهم الغذاء. تبلغ مساحة أراضي العالم الإسلامي 32 مليون كيلومتر مربع تساوي ربع مساحة الكرة الأرضيّة وعشرة أضعاف مساحة دول الاتحاد الأوروبي.

يحتوي العالم الإسلامي على 67% من ثروات الأرض، حيث يمتلك 63% من إجمالي الاحتياطي العالمي للنفط، و16% من حقول المراعي، و11% من إجمالي الثروة الخشبية، و24% من المنجنيز، و56% من القصدير، و23% من الحديد والألمنيوم، و41% من النحاس، و15% من القمح، و80% من المطاط، و43% من القطن، و93% من التمور، ومع ذلك ما زالت الشعوب الإسلامية من أكثر دول العالم اعتماداً على الدواء المستورد، والتقنية والمعدات والأجهزة الأجنبيّة والمواد الاستهلاكية والأساسية المستوردة.
في الآونة الأخيرة اكتشفت منظّمة العمل العربية أسرار التفوق الإسرائيلي على الدول العربية، فأصدرت تقريراً كشفت فيه حقيقة الفجوة التقنية والعلمية بين العرب وإسرائيل. أوضح التقرير أن نصيب المواطن العربي من الإنفاق على التعليم لا يتجاوز 340 دولاراً سنوياً، في حين يصل في إسرائيل إلى 2500 دولار، وأنّ هنالك 217 جهاز كمبيوتر لكلّ ألف شخص في إسرائيل، بينما لا يوجد في مصر سوى 9 أجهزة فقط، وفي الأردن 52 جهازا، وفي لبنان 39 جهازا.

وبالنسبة لعدد الباحثين في مجال العلوم والتقنية لكل مليون مواطن، يوجد في العالم العربي 136 عالماً مقابل 1395 في إسرائيل، بينما يصل العدد إلى 300 عالم في تركيا، وإلى 192 في جنوب أفريقيا، و217 في المكسيك, و315 في البرازيل. أمّا في اليابان فيرتفع العدد إلى 5000 عالم، وفي روسيا 3415، وفي الاتحاد الأوروبي 2439، وفي أمريكا 4374 عالماً لكل مليون مواطن.

الاستراتيجية الإسرائيلية في العلوم والتقنية تعتمد على إيجاد مفاهيم جديدة للبحث العلمي والابتكار التقني، من خلال تدريب أجيال حديثة من العلماء، خاصةً في العلوم الفيزيائية والكيميائية والطبيعية والاجتماعية، لقناعتها بأن هذه العلوم تتيح الهيمنة على العالم وتحويل مساره. ومنذ عام 1949 أسّست إسرائيل معاهد الجيولوجيا المائية والفيزياء النووية وبحوث المناطق الصحراوية والتقنية المعلوماتية.
وبدأت إسرائيل بتوجيه مسارات البحث العلمي والتطوير التقني لتحقيق الأمن المائي، وتأمين الاحتياجات الإستراتيجية للدفاع والأمن، والمحافظة على البيئة واستكشاف الموارد الطبيعية وتنميتها وترشيد استخداماتها، وصناعة الإلكترونيات والاتصالات وتقنية المعلومات، وأبحاث الطاقة الجديدة والمتجددة.
وفي أوائل 1990م فتحت إسرائيل أبوابها لهجرة العلماء إليها، فمن بين كل مائة ألف مهاجر روسي إلى إسرائيل هنالك 11 ألف مهندس، و2500 طبيب، و1700 عالم في مجال الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والليزر والمعدات الإلكترونية. وفي منتصف التسعينات احتلت إسرائيل المرتبة الأولى في العالم في عدد العلماء الذين ينشرون بحوثاً مقارنة بعدد السكان، بمعدل 12 بحثا علميا لكل عشرة آلاف نسمة، لتسبق كلاً من أمريكا بمعدل 10 أبحاث، وبريطانيا بمعدل 8 أبحاث.
ولجأت إسرائيل لإقامة علاقات ثنائية مع الدول المتقدمة علمياً بهدف توطيد الزيارات المتبادلة بين علمائها والاندماج مع معاهدها لتطوير البرامج العلمية الإسرائيلية الأمريكية، والألمانية، والبريطانية، والفرنسية، والروسية، واليابانية، والصينية، والتركية، وكوريا الجنوبية، ليصبح لديها اليوم أكثر من 21 اتحاداً علمياً دولياً.
لعلنا نتسلّح بالعلم الذي ورد 540 مرةً في القرآن الكريم، فهو سرّ تفوق دول العالم الأوّل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق