الجمعة، 23 مارس 2012

إندونيسيا والتحرك شرقا..أو محور طنجة جاكرتا من جديد؟!

في جنوب شرق آسيا نهضة صناعية مشهود لها تتحرك بحاسة الحضارة الواحدة وبحس التاريخ المشترك نحو متوسط الشرق.. نحو العرب، فهل هي خطوة نحو إحياء محور ميلاد الأمة من جديد وتسجيل حضورها في التدافع الإنساني الكبير؟! كيف لا وجاكرتا تقف على طرف هذا المحور باقتدار؟
في رحلته التأملية والإستنتاجية بحثا عن لبنات صحيحة لبناء منظومتنا الفكرية توصل المفكر الحضاري الكبير مالك بن نبي الى ان محور طنجة جاكرتا الذي يشهد حالة من الحراك في مواجهة مخططات الغربيين يمتلك مؤهلات حقيقية لبناء حضارة لما يتمتع به هذا المحور من كثافة التاريخ المستند الى مشترك فاعل وحيوي فكان هذا المحور المجال الحيوي لنشاط المثقفين المسلمين من اجل النهوض بالأمة وإخراجها من فلك العبودية والارتهان للغرب.
اندونيسيا البلد الرابع في العالم والأول إسلاميا من حيث عدد السكان يعتبر بلا شك نموذجا إنسانيا متميزا بتنوعه الجغرافي وتعدده الاثني والثقافي والعرقي  كما انه يتميز في  استمرار هذا التنوع في تشكيل وحدة اجتماعية راقية حتى في الظروف الصعبة على مستوى مركز الدولة.. اندونيسيا البلد الظاهرة، حيث لا تواصل جغرافي بين الأرض الاندونيسية، إذ يزيد عدد الجزر الاندونيسية  عن 1700 جزيرة. والبلد الظاهرة التي شقت طريقها على المستوى الاقتصادي والسياسي فتجنبت محاولات الغرب تفسيخها والزج بها في فوضى التشتت والتخلف. واندونيسيا هي أحد الأعضاء المؤسسين لـ"الأسيان" وعضو في مجموعة العشرين للاقتصادات الرئيسية. الاقتصاد الإندونيسي في العالم هو الثامن العشر في تسلسل الناتج المحلي الإجمالي الاسمي والخامس عشر من حيث القوة الشرائية.
إلا انه لا يمكن إغفال غياب اندونيسيا عن المشهد العربي والإسلامي في الشرق الكبير وغياب الدور الاندونيسي عن القضايا الحاسمة في ماضي الأمة وحاضرها وهنا لا يمكن إلقاء اللوم فقط على الاندونيسيين في الوقت الذي يمارس معظم النظام العربي انسياقه في السياسات الغربية والتي يتجه مسارها نحو فتح القنوات مع الغربيين اقتصاديا وثقافيا وسياسيا وهذا لا يعفي الاندونيسيين من المسئولية.
اندونيسيا اليوم واحدة من الدول المصنعة الكبرى والتي تشهد معدل نمو معتبر فلقد اقتحمت الصناعة الاندونيسية مجالات إستراتيجية على صعيد بناء السفن والطائرات والأسلحة كما في المجالات العديدة الأخرى.. واستطاعت ان تتكيف مع التحديات الطبيعية والتقلبات السياسية الدولية.
ماذا لو اتجهنا بتفكيرنا قليلا نحو جنوب شرق آسيا وتذكرنا ان جدودنا السابقين من تجار محترمين نقلوا بصدقهم وأمانتهم المشهورة عنهم رسالة الإسلام الى أهل تلك الديار فنشروا بين الناس التآخي والتعاون وأرسوا منظومة قيم جمالية وعملية فتحت الباب واسعا أمام السكان الأصليين لاعتناق الإسلام عن حب وطواعية واقتناع لا كما فعلت الحروب الأوربية على أراضي هذه البلاد للاستيلاء على التوابل وتجارتها؟!.. ماذا لو اتجهنا بالتفكير قليلا نحو جنوب شرق آسيا ليكون تيار الحياة دفاقا بيننا لاسيما ونحن هنا في بلاد العرب نشعر بكامل المسئولية نحو حاضر الأمة ومستقبلها.. وحتى نخرج من دائرة العواطف والمشاعر الى دائرة الفعل المفيد والقول العملي نسرع الى القول ان تعاونا يعتمد الشراكة بين بلداننا واندونيسيا وماليزيا وسواهما من بلدان عالمنا الإسلامي يعني أننا حققنا شرطا من شروط حضارتنا وألغينا سببا من أسباب تبعيتنا للغرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق