الخميس، 2 سبتمبر 2010

99 قطعة في معرض لمجموعة «فرجام» الفنية بدبي 15 قرناً من الفنون الإسلامية

تاريخ النشر: الخميس 02 سبتمبر 2010
عمر شبانة

عودتنا مجموعة فرجام الفنية على أن تقيم، بين فترة وفترة، معرضاً لعدد من مقتنياتها من الفنون الإسلامية، هذه المقتنيات التي تعد من أكثر القطع الفنية عدداً وأشدها ندرة في العالم. واليوم نقف مع “قصة الفن الإسلامي في 99 قطعة”، هذا المعرض الذي يقدم ما يمكن اعتباره متحفاً مصغراً لمجمل الفنون الإسلامية، عبر قرون من الزمن، من القرن الأول إلى الرابع عشر للهجرة، وعبر الحضارات المتعاقبة على العالم الإسلامي (الحضارات والعصور: الأندلسي والعباسي والعثماني والساساني، حيث يمثل الأخير بدايات العصر الإسلامي وبلاد الرافدين)، وليس العربي وحده، فهناك كذلك الآلة الفلكية القديمة التي أطلق عليها العرب اسم “ذات الصفائح”، وتدعى “الاسطرلاب”، ويرجح البعض أن مخترع هذه الآلة هو العالم الدمشقي ابن الشاطر.
فهنا، في هذا المعرض، تحضر النتاجات الفنية لفنانين وعلماء عرب ومسلمين من أمكنة متعددة من العالم (الأندلس، شمال أفريقيا، الشرق الأدنى، آسيا الوسطى، وسواها)، وهنا 99 قطعة تختصر أشكالاً ومضامين من الفن الإسلامي، حيث يجد الزائر المتجول في أجنحة المعرض، المقام في طبقتين، هذا التنوع والتعدد اللذان يظهران البراعة والتطور في هذا الفن، عبر المخطوطات العربية، وخصوصاً مخطوطات الآيات القرآنية، ثم النصوص القديمة التي تحمل النقوش والزخارف النباتية والهندسية، وهناك أيضا قسم خاص بالأواني الزجاجية والفخارية والسيراميك والخزفيات والمطرزات والمنسوجات، والسيوف والخناجر وغيرها.
في جناح الزخرفة
لن نستطيع استعراض الأجنحة كلها، ولا القطع التسع والتسعين، لذلك نبدأ بالجناح الأول الذي يجذب الانتباه منذ دخول المعرض، وهو الجناح المخصص للخزفيات والأواني المزخرفة بنقوش تقوم على علاقة التناقض بين الإضاءة والتعتيم، علاقة تبرز جمالية اللون في الأواني كما في اللوحات الخزفية، وتستلهم الزخرفة الهندسية والنباتية والحروف والآيات القرآنية، لتؤكد جانباً من جوانب الهوية العربية والإسلامية.
وهنا نشاهد مزهرية نادرة سليمة تماماً، وذات أوجه منقوشة تعود لحقبة الساسانيين أو القرن الهجري الأول، وتعود لتراث بلاد الرافدين الذي يرجع للألف الثاني قبل الميلاد حين كان للأواني أثر كبير على تزيين وزخرفة الأواني الفخارية، ويتم تصميم الواجهة أو السطح الأملس المنقوش على جسم المزهرية لتجميل مظهر القطعة من خلال عكس الضوء.
وقريباً من هذه المزهرية نتوقف أمام قنديل من قناديل المساجد يزدان بحلقات من القرن السادس للهجرة، القنديل مصنوع من الزجاج وبلاطة محراب، ويعود للقرن السادس الهجري في آسيا الوسطى، كما أنه يمتلك ست حلقات يتم استخدامها لتعليقه، حيث يتموضع حامل الفتيل في الجزء السفلي من المصباح، وقد جرى تصميم البلاطة المستطيلة مع مصباح مماثل معلق على ثلاث سلاسل ويوضع داخل المحراب الذي يشير إلى القبلة (مكة المكرمة).
وثمة بلاطة من الخزف مستطيلة الشكل وفي إطار خزفي بألوان شرقية تعود للعام 983 هجري في عهد صعود الإمبراطورية العثمانية. وقد تم تزيين الإطار بألوان الأزرق الكوبالت والأخضر والأحمر، واستوحيت الزخرفة من سعف النخيل. وهو أسلوب شائع في تنفيذ الأطباق والقطع الخزفية خلال تلك الفترة.
في جناح المخطوطات
في هذا الجناح، تشكل الصفحات القرآنية المساحة الأهم بين عديد المخطوطات، فهنا ثمة عدد من النصوص وعدد من أشكال الخط العربي، نصوص من النسخ الأولى للقرآن الكريم، والتي كانت تكتب على صفحات أفقية من الورق وتجمع سوية من جوانبها الداخلية. وكان طول النص في الصفحة الواحدة يتراوح بين 7 إلى 17 سطراً. وهنا مثلاً نسخة من صفحة في القرآن بالخط الكوفي جاءت من بلاد الرافدين من القرن الرابع الهجري، ونسخة من شمال أفريقيا تختلف عن غيرها، إذ تتميز بالزخرفة التي تأخذ شكل مثلث إضافة إلى المربع في منتصف الصفحة، وهو الطابع والقياس النموذجي للأسلوب المغربي. ويتضمن التصميم عنوان المخطوطة، والمكتوب داخل نجمة ثمانية الرؤوس.
وإلى ذلك فالمخطوطات المعروضة تبرز التنوع والتطور اللذين شهدهما الخط العربي، كما تبرز ذلك التجاور بين الخط العربي والمنمنمات، خاصة النباتية منها، والتي توضح إحدى الركائز التي اعتمدها الفنانون في أعمالهم وهي استلهام الطبيعة في تنوعها، وإبراز ذلك التنوع من خلال محاكاة جمالياتها، وإبراز الفلسفة الإسلامية في إعادة تشكيل مفردات الطبيعة داخل العمل الفني باستخدام التصوير والتجريد في الوقت نفسه.
محراب تاريخي
قطعة فريدة تستوقف الزائر تتمثل في المحراب المرمري الرخامي الملمس، وهو محراب بطول 90 سم وعرض 40 سم، ويميل لونه إلى الخضرة، يرجع تاريخه إلى القرنين الرابع والخامس للهجرة، وتتجلى فيه جماليات النقوش المحفورة باللغة العربية بين الشهادتين، وعدد من الأدعية العربية. وقد نقشت عليه عبارات تقول “أمر بتشييد هذا المسجد الجامع ابن أبي القاسم إسماعيل ابن أبي الحسن عباد ابن العباس”، وفي الأسفل توقيع يقول “صنعت بيد محمد بن علي”.
ويرى بعض المهتمين بهذا الأثر أن ابن العباد المذكور في النقش، هو أبو القاسم إسماعيل ابن عباد (مواليد 938)، الذي كان وزيراً لدى اثنين من الأمراء البويهيين، اللذين ينحدران من بنو بويه من أعالي جبال الديلم، ويرجعان في نسبهما إلى ملوك الفرس الساسانية. وقد استمدا اسميهما من أبي شجاع بويه، الذي لمع اسمه أثناء عهد الدولتين السامانية ثم الزيارية.
كما يلفت الانتباه في المجموعة الأولى (الاسطرلاب النحاسي) الذي صنع في الهند عام 1069. وتحمل هذه القطعة التي تأخذ شكل قطرة الماء أو حبة المطر، الكثير من الجماليات التي تتجلى في الزخرفة النباتية المفرغة التي تحمل اسم 50 نجماً. وتم تقسيم إطار الاسطرلاب الخارجي إلى أجزاء مسماة، ونقش على طرف الإطار عبارة (لصاحبه الفلكيّ محمد رضا، ابن الفلكيّ محمد تقي)، أما الخلفية فتحمل نقوشاً تبين خطوط الطول والعرض لعدد من المواقع الجغرافية. وصانع هذا الاسطرلاب ضياء الدين آلاهور.
وأخيراً هناك مواد النسيج المحاك، ومن أبرزها ستارة من قبر النبي، يرجع تاريخها إلى عام 1223 هجري. والستارة المستطيلة مطرزة بخيوط من الضفة على شكل مصباح مسجد يتدلى من منتصف القوس المحمول على أعمدة تحيط بآية قرآنية. أما النقوش في الأسطر الثلاثة في أعلى الستارة فتشمل كلمات سورة الفاتحة المطرزة بالذهبي على أرضية بيضاء، وكتب في السطر الذي يليها “تم صنع هذا الغطاء الشريف بأمر من سيدنا السلطان محمود خان ابن السلطان عبد الحميد خان، أدام الله عزه”. وعلى المصباح 
 المعلق طرزت عبارة “يا فتاح”.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق