الشريعة الإسلامية وضعت للناس إطاراً عاماً وأوضحت طريق الخير والشر، وأن على الناس أن يتحركوا تحت هذا الإطار حسب ظروفهم وبيئتهم المحيطة بهم ، ليحققوا بذلك مقاصد الشريعة وهي تحقيق العدل والمساواة
لو نظرنا إلى أي مجتمع في العالم الإسلامي، لوجدنا فيه فئتين، تختلف فيهما الآراء والتوجهات، فهناك فئة تريد إبقاء كل قديم على قدمه، وفئة أخرى معاكسة لها تدعو إلى التغيير والتجديد.
وخير مثال على ذلك، الجدل الحاصل حول مسألة "الإسلام صالح لكل زمان ومكان"، فالفئة الأولى ترى أن أقوال العلماء والفقهاء الأوائل في الإسلام أحكام مطلقة تصلح لكل زمان ومكان، وليس في الإمكان أبدع مما كان، والفئة الأخرى ترى عكس ذلك تماماً فترى أن أحكام الفقهاء في تلك الفترة قيلت لمعالجة مشكلات آنية كان يعانيها المجتمع آنذاك، كمثل الطبيب الذي ينصح المصاب بفقر الدم بالأكل كثيراً، بينما هو ينصح المصاب بضغط الدم بأن يأكل قليلاً.
والمشكلة هنا ليست في اختلاف وجهات النظر بين الفريقين، فهذا مطلب ضروري لتوازن المجتمع كما يراه علماء الاجتماع، ولكن المشكلة تكمن في التنازع وإقصاء الآخر، وتعطيل المصالح الاقتصادية والاجتماعية للناس.
ولتوضيح ذلك نأتي بمثال بسيط من كتاب "فوائد البنوك هي الربا الحرام" لمؤلفه الدكتور يوسف القرضاوي، فهو يبحث في فصول كتابه عن تحريم فوائد البنوك في عصرنا الحالي، ويدافع عما يسمى بالبنوك الإسلامية ويقول إنها أحرزت نجاحاً واضحاً في الميدان الاقتصادي، حتى كاد ما يسمى بالبنوك الربوية يتعطل.
ثم يصف الدكتور القرضاوي الرأي الآخر والذي يرى عدم حرمة الفوائد البنكية بأنهم عبيد الفكر الغربي، وأسرى حضارته، وعملاء معسكراته، مع أن الدكتور في كتابه يعترف أن بعض علماء المسلمين قد قال بالتحليل، ولا أدري هل يصنف الدكتور القرضاوي العلماء الذين قالوا بالتحليل بأنهم من أتباع الفكر الغربي وعملائه؟ ..
في الحقيقة أن القرضاوي لا يهتم بسبب تحريم الربا، ولا يركز على الظلم الاجتماعي لها، ولكنه يستعرض آراء الفقهاء في الموضوع من الناحية الشكلية البحتة، ثم يفند الآراء المعارضة بمنطق صوري بحت يتضمنه الانتقاص وإقصاء الآخر، ويستدل على ذلك ببعض الحوادث الاقتصادية والتي تشكل الجانب السلبي فقط، ناهيك عن وجود العوامل السياسية في رده.
وقد نسي القرضاوي وغيره أن قوام الحياة الاقتصادية في عصرنا هو البنوك، حيث يصعب أن تقوم حياة اقتصادية منظمة من غير بنوك، والدكتور القرضاوي وغيره يسرعون إلى الحكم بأن عمل البنوك حرام، وهم لا ينظرون في الربا من حيث محتواه الاجتماعي، وإنما ينظرون إليه من حيث شكله أو صورته المنطقية ويكفيهم في حرمة العمل أن يكون بالصورة المنهي عنها وليس المهم بعد ذلك أن يكون من الناحية العملية عملاً ضاراً أو نافعاً.
وبناءً على ما سبق نقيس أيضاً آراء بعض الفقهاء والعلماء في مسائل الطلاق وتعدد الزوجات، فكثير من الآراء في هذا الموضوع لا تنظر إلى الظلم الاجتماعي الواقع على المرأة والأبناء جرّاء الطلاق وتعدد الزوجات، فصحيح أن الإسلام أباح الطلاق وتعدد الزوجات ولكن في نفس الوقت وضع شروطاً وإجراءات لها تتغير بتغير الظروف والمجتمع، لم ينتبه إليها البعض للأسف الشديد.
فالطلاق في الإسلام يجب أن يمر بعدة إجراءات طويلة إذا استكملت حدث الطلاق، وكلها تخضع للتوثيق والتسجيل وضمان حقوق الزوجين.
فإذا كان التوثيق في صدر الإسلام يتم بشهادة الشهود، وذلك بسبب أن الغالبية في ذلك الوقت أميون لا تتوفر لديهم أدوات القراءة والكتابة، لذا كان الشهود أكثر فاعلية في ذلك الوقت، أما في العصر الحاضر فالكتابة هي الوسيلة الأفضل لتحقيق التوثيق، كما أنه أصبحت هناك حاجة في الوقت الحاضر لوضع الأنظمة والقوانين التي تضمن حقوق الزوجين، منها على سبيل المثال حضانة الأبناء والإنفاق عليهم، فالواقع اليوم نجد أن كثيرا من النساء يقع عليهن عاتق الحضانة ولكن في نفس الوقت لا تجد ضمانة للإنفاق عليها وعلى أبنائها.
ومع ذلك للأسف نجد أن بعض الفقهاء يركز على أحكام الطلاق التي قال بها الأولون ويترك المحتوى الاجتماعي له، و نجد أيضا نفس التعامل مع مسألة تعدد الزوجات، بل رأينا أيضاً الهجوم الشديد على من انتقد ذلك واتهموه بالتبعية والتأثر بالفكري الغربي مع أنهم لم يخرجوا عن الإطار الإسلامي الذي يتفاعل مع المتغيرات والظروف المحيطة بالمجتمع، مع وجود حاجة ملحة لتقنين وتنظيم هذه المسألة لضمان حقوق الطرفين وحقوق الأبناء.
هناك حقيقة غفل عنها البعض، وهي أن الشريعة الإسلامية تتفاعل مع الواقع والمتغيرات الحاصلة في أي مجتمع، وهي صالحة لكل زمان ومكان، ولكن من يريد إبطال الشريعة هو من يقف وقوف الجمود منها، ومن يريد أيضاً تعطيلها على الإطلاق، فكلا الفريقين في نفس الاتجاه.
لنأخذ على سبيل المثال مسألة "العدل" و "المساواة"، فهذه المبادئ من الأمور والمطالب الأساسية في الشريعة الإسلامية، وكل مسلم مطالب بالعدل والمساواة في جميع أموره، ولكن السؤال المطروح هنا كيف يعدل المسلم في عمله؟ أليست الأنظمة والقوانين والمعايير المهنية هي إحدى الوسائل المهمة لتحقيق هذا المطلب؟ فإذا كانت الإجابة بنعم، فمن أين تأخذ هذه الأنظمة وهذه القوانين وهذه المعايير؟.. أليست عن طريق البحوث والدراسات وأفضل الممارسات والتجارب الإنسانية وهي تتغير بتغير الظروف والبيئة المحيطة.. فإذا كانت كذلك.. فلماذا يصف البعض أن بعض الأنظمة والقوانين هي علمانية ومستمدة من الغرب؟.. ولماذا يدعو البعض الآخر إلى تعطيل الشريعة؟..
ومن المثال السابق يتضح لدينا أن الشريعة الإسلامية وضعت للناس إطاراً عاماً وأوضحت طريق الخير والشر، وأن على الناس أن يتحركوا تحت هذا الإطار حسب ظروفهم وبيئتهم المحيطة بهم، ليحققوا بذلك مقاصد الشريعة وهي تحقيق العدل والمساواة وعدم الظلم بينهم فالإسلام صالح لكل زمان ومكان.
سطام عبدالعزيز المقرن 22/02/2011وخير مثال على ذلك، الجدل الحاصل حول مسألة "الإسلام صالح لكل زمان ومكان"، فالفئة الأولى ترى أن أقوال العلماء والفقهاء الأوائل في الإسلام أحكام مطلقة تصلح لكل زمان ومكان، وليس في الإمكان أبدع مما كان، والفئة الأخرى ترى عكس ذلك تماماً فترى أن أحكام الفقهاء في تلك الفترة قيلت لمعالجة مشكلات آنية كان يعانيها المجتمع آنذاك، كمثل الطبيب الذي ينصح المصاب بفقر الدم بالأكل كثيراً، بينما هو ينصح المصاب بضغط الدم بأن يأكل قليلاً.
والمشكلة هنا ليست في اختلاف وجهات النظر بين الفريقين، فهذا مطلب ضروري لتوازن المجتمع كما يراه علماء الاجتماع، ولكن المشكلة تكمن في التنازع وإقصاء الآخر، وتعطيل المصالح الاقتصادية والاجتماعية للناس.
ولتوضيح ذلك نأتي بمثال بسيط من كتاب "فوائد البنوك هي الربا الحرام" لمؤلفه الدكتور يوسف القرضاوي، فهو يبحث في فصول كتابه عن تحريم فوائد البنوك في عصرنا الحالي، ويدافع عما يسمى بالبنوك الإسلامية ويقول إنها أحرزت نجاحاً واضحاً في الميدان الاقتصادي، حتى كاد ما يسمى بالبنوك الربوية يتعطل.
ثم يصف الدكتور القرضاوي الرأي الآخر والذي يرى عدم حرمة الفوائد البنكية بأنهم عبيد الفكر الغربي، وأسرى حضارته، وعملاء معسكراته، مع أن الدكتور في كتابه يعترف أن بعض علماء المسلمين قد قال بالتحليل، ولا أدري هل يصنف الدكتور القرضاوي العلماء الذين قالوا بالتحليل بأنهم من أتباع الفكر الغربي وعملائه؟ ..
في الحقيقة أن القرضاوي لا يهتم بسبب تحريم الربا، ولا يركز على الظلم الاجتماعي لها، ولكنه يستعرض آراء الفقهاء في الموضوع من الناحية الشكلية البحتة، ثم يفند الآراء المعارضة بمنطق صوري بحت يتضمنه الانتقاص وإقصاء الآخر، ويستدل على ذلك ببعض الحوادث الاقتصادية والتي تشكل الجانب السلبي فقط، ناهيك عن وجود العوامل السياسية في رده.
وقد نسي القرضاوي وغيره أن قوام الحياة الاقتصادية في عصرنا هو البنوك، حيث يصعب أن تقوم حياة اقتصادية منظمة من غير بنوك، والدكتور القرضاوي وغيره يسرعون إلى الحكم بأن عمل البنوك حرام، وهم لا ينظرون في الربا من حيث محتواه الاجتماعي، وإنما ينظرون إليه من حيث شكله أو صورته المنطقية ويكفيهم في حرمة العمل أن يكون بالصورة المنهي عنها وليس المهم بعد ذلك أن يكون من الناحية العملية عملاً ضاراً أو نافعاً.
وبناءً على ما سبق نقيس أيضاً آراء بعض الفقهاء والعلماء في مسائل الطلاق وتعدد الزوجات، فكثير من الآراء في هذا الموضوع لا تنظر إلى الظلم الاجتماعي الواقع على المرأة والأبناء جرّاء الطلاق وتعدد الزوجات، فصحيح أن الإسلام أباح الطلاق وتعدد الزوجات ولكن في نفس الوقت وضع شروطاً وإجراءات لها تتغير بتغير الظروف والمجتمع، لم ينتبه إليها البعض للأسف الشديد.
فالطلاق في الإسلام يجب أن يمر بعدة إجراءات طويلة إذا استكملت حدث الطلاق، وكلها تخضع للتوثيق والتسجيل وضمان حقوق الزوجين.
فإذا كان التوثيق في صدر الإسلام يتم بشهادة الشهود، وذلك بسبب أن الغالبية في ذلك الوقت أميون لا تتوفر لديهم أدوات القراءة والكتابة، لذا كان الشهود أكثر فاعلية في ذلك الوقت، أما في العصر الحاضر فالكتابة هي الوسيلة الأفضل لتحقيق التوثيق، كما أنه أصبحت هناك حاجة في الوقت الحاضر لوضع الأنظمة والقوانين التي تضمن حقوق الزوجين، منها على سبيل المثال حضانة الأبناء والإنفاق عليهم، فالواقع اليوم نجد أن كثيرا من النساء يقع عليهن عاتق الحضانة ولكن في نفس الوقت لا تجد ضمانة للإنفاق عليها وعلى أبنائها.
ومع ذلك للأسف نجد أن بعض الفقهاء يركز على أحكام الطلاق التي قال بها الأولون ويترك المحتوى الاجتماعي له، و نجد أيضا نفس التعامل مع مسألة تعدد الزوجات، بل رأينا أيضاً الهجوم الشديد على من انتقد ذلك واتهموه بالتبعية والتأثر بالفكري الغربي مع أنهم لم يخرجوا عن الإطار الإسلامي الذي يتفاعل مع المتغيرات والظروف المحيطة بالمجتمع، مع وجود حاجة ملحة لتقنين وتنظيم هذه المسألة لضمان حقوق الطرفين وحقوق الأبناء.
هناك حقيقة غفل عنها البعض، وهي أن الشريعة الإسلامية تتفاعل مع الواقع والمتغيرات الحاصلة في أي مجتمع، وهي صالحة لكل زمان ومكان، ولكن من يريد إبطال الشريعة هو من يقف وقوف الجمود منها، ومن يريد أيضاً تعطيلها على الإطلاق، فكلا الفريقين في نفس الاتجاه.
لنأخذ على سبيل المثال مسألة "العدل" و "المساواة"، فهذه المبادئ من الأمور والمطالب الأساسية في الشريعة الإسلامية، وكل مسلم مطالب بالعدل والمساواة في جميع أموره، ولكن السؤال المطروح هنا كيف يعدل المسلم في عمله؟ أليست الأنظمة والقوانين والمعايير المهنية هي إحدى الوسائل المهمة لتحقيق هذا المطلب؟ فإذا كانت الإجابة بنعم، فمن أين تأخذ هذه الأنظمة وهذه القوانين وهذه المعايير؟.. أليست عن طريق البحوث والدراسات وأفضل الممارسات والتجارب الإنسانية وهي تتغير بتغير الظروف والبيئة المحيطة.. فإذا كانت كذلك.. فلماذا يصف البعض أن بعض الأنظمة والقوانين هي علمانية ومستمدة من الغرب؟.. ولماذا يدعو البعض الآخر إلى تعطيل الشريعة؟..
ومن المثال السابق يتضح لدينا أن الشريعة الإسلامية وضعت للناس إطاراً عاماً وأوضحت طريق الخير والشر، وأن على الناس أن يتحركوا تحت هذا الإطار حسب ظروفهم وبيئتهم المحيطة بهم، ليحققوا بذلك مقاصد الشريعة وهي تحقيق العدل والمساواة وعدم الظلم بينهم فالإسلام صالح لكل زمان ومكان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق