جدة: محمد الهمزاني
انتقد الدكتور يوسف القرضاوي العالم المعروف في الشريعة الإسلامية تغليب المصارف الإسلامية الاعتماد على «المرابحة» وتغييب الكثير من مكونات صناعة المصرفية الإسلامية الغزيرة التي تقوم على المشاركة والمضاربة والتجارة والإجارة والمعاملات الإسلامية.
انتقد الدكتور يوسف القرضاوي العالم المعروف في الشريعة الإسلامية تغليب المصارف الإسلامية الاعتماد على «المرابحة» وتغييب الكثير من مكونات صناعة المصرفية الإسلامية الغزيرة التي تقوم على المشاركة والمضاربة والتجارة والإجارة والمعاملات الإسلامية.
وقال القرضاوي لـ«الشرق الأوسط» إنه غير راض عن المصارف الإسلامية لأنها قامت لتكون بديلا عن الربا والمعاملات المحظورة التي جلبت على المسلمين والعالم الشرور، مبينا أن البنوك الإسلامية قامت أساسا على أن البديل هو في المشاركة والمضاربة والبيوع والتجارة والإجارة والمعاملات الإسلامية الحقيقية وغيرها، لكنه عبر عن أسفه لأن المصارف الإسلامية أصبحت أسيرة «المرابحة».
وشخص القرضاوي الواقع بأنه ألف كتاب قبل نحو 25 عاما في إجازة المرابحة سماه (بيع المرابحة للآمر بالشراء كما تجريه المصارف الإسلامية) وأنه حذر من خلال الكتاب من أن تقع البنوك الإسلامية سجينة للمرابحة، مشيرا إلى أنه للأسف أصبحت المصرفية الإسلامية سجينة للمرابحة وأصبحت 95 في المائة من عملياتها في المرابحة – بحسب تقديراته - فغابت منتجات المضاربة والمشاركة وأشياء من هذا النوع.
وأضاف القرضاوي أن المرابحة هي قريبة من التمويل الربوي، وهناك فروق بسيطة، مشيرا إلى أنه عندما كان عضوا في الهيئة الشرعية لأحد أكبر البنوك السعودية وأن مساعد رئيس الهيئة وقتها وهو الشيخ صالح الحصين قال إنه يجب أن نطهر البنك من المرابحة خلال 3 سنوات، لكن بعد انتهاء هذه الفترة فشل البنك في التخلص من المرابحة على الرغم من أنها قلت أكثر من السابق.
واعتبر القرضاوي مقولة أن البنوك الإسلامية صغيرة في عمرها وتحتاج إلى وقت حتى تنضج غير صحيح، وأنه يجب على المصارف الإسلامية أن تتقدم إلى الأمام ولا تقف عند حجز العمر، موضحا أنه إذا نظرنا إلى مسيرة البنوك الإسلامية ومسيرة الفكر الإسلامي الاقتصادي «نجد أنهم في أول الأمر قالوا إننا لا نستطيع أن نخرج عن الحضارة الغربية ويجب أن نأخذ هذه الحضارة بخيرها وشرها وحلوها ومرها وما يحب منها وما يكره وما لنا غير أننا نسير في ظل الغرب وتحت سلطانه. هذه كانت فترة، بعد ذلك كانت فترة تبرير نحاول نبرر ما جاء به الغرب ونحاول نعطيهم الفتوى الشرعية وكان بعض الناس يقول إن الربا الذي حرمه الإسلامي هو ربا الجاهلية وغيره من الكلام والتبريرات».
وتابع أنه جاءت فترة أخرى كان الحديث فيها بأسلوب الاعتذار عن الإسلام وكأن الإسلام وضع في قفص الاتهام، وأنهم يحاولون الدفاع عن الإسلام وكأنه متهم، وبعد ذلك جاء أسلوب المواجهة «قلنا لنا حضارتنا وشريعتنا وفلسفتنا الاقتصادية والاجتماعية وبدأنا البحث عن البدائل مثلا هل نستطيع أن نجد بدل البنوك الربوية بنوكا بديلة بلا فائدة وبدأت حملة نظرية فكرية قام بها علماء اقتصاد وعلماء شريعة وقالوا إنه ممكن نعمل بنوكا وفيه بدائل وبرروا هذا من الناحية النظرية ثم جاءت فكرة إيجاد البدائل تعاون رجال الأعمال ورجال الاقتصاد ورجال المال مع رجال الاقتصاد الإسلامي ورجال الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي وقام أول بنك في دبي ثم قامت فيه بنوك إسلامية».
وبين القرضاوي أن المطلوب هو تحسين وتطوير البنوك حتى لا تقع فيما وقعت فيه المؤسسات المالية الغربية، مبينا أن البنوك الغربية وقعت في فخ النهي الوارد في حديث «لا تبع ما ليس عندك» وهذا ما حدث في الأزمة المالية العالمية الأخيرة.
وكانت هذه التصريحات، جاءت متزامنة مع انعقاد ندوة البركة المصرفية وسط حضور كبير على مستوى العلماء، في مجال الشريعة وفقه المعاملات، حيث لم تخل الندوة التي اختتمت أعمالها الخميس الماضي من بعض النقد الموجه لبعض المصارف الإسلامية وبعض أعضاء الهيئات الشرعية، والذين يراهم البعض بأنهم ساهموا في انحراف المصرفية الإسلامية عن جوهر الاقتصاد الإسلامي.
وهنا يوضح القرضاوي حول انتشار المصرفية الإسلامية عالميا وتحديدا في بلد مثل فرنسا، أن هذا نجاح من ناحية، ولكن الخطر في أننا لا نصل لهذا النجاح إلى نجاح آخر، ونحاول أن نحسن البدائل ببدائل إسلامية عما يجري في الغرب.
وأطلق الدكتور يوسف القرضاوي عتبه على بعض الهيئات الشرعية، وقال: «لا أعتب على الكل فهناك علماء محترمون جدا وحريصون على التطبيق والالتزام»، ولكن العتب على بعض العلماء الذين يتبعون مسيرة التسهيل الزائد وإيجاد الحيل والتوسع في الإباحة وهذا الذي يحدث الآن.
وشهد اليوم الأخير للندوة استعراض ورقة عمل مقدمة من الدكتور صابر الحسن محافظ البنك المركزي السوداني حول «دور الجهات الرقابية في الضبط الشرعي للصكوك والأدوات المالية الأخرى».
وتركزت الورقة على تجربة بنك السودان المركزي في إصدار الصكوك وضبطها، إلى جانب مسيرة الهيئة العليا للرقابة الشرعية في السودان كأول هيئة شرعية في العالم الإسلامي، بهدف تكامل الجهود بين البنك المركزي وبين هيئة الرقابة.
وخلال الورقة تم التعريف بالهيئة بأنها مستقلة في أدائها للمهام الموكلة إليها، ولكنها تعمل بالتنسيق والتعاون مع بنك السودان المركزي، كما أن إدارات البنك المتخصصة هي الذراع التنفيذية الفعالة لإنزال فتاوى الهيئة وقراراتها إلى واقع التنفيذ العملي.
وتم تكوين الهيئة العليا للرقابة الشرعية بالسودان عام 1992 كهيئة متخصصة تهدف إلى مراقبة ومتابعة مدى التزام المصارف والمؤسسات المالية بما فيها بنك السودان المركزي بتطبيق الصيغ الإسلامية في المعاملات وإصدار الفتاوى والأحكام فيما يعرض عليها من مشكلات كما أنه منوط بها الاجتهاد لاستنباط صيغ وأدوات مالية إسلامية لتلبية حاجات المجتمع في التمويل.
وتطرق الدكتور عبد الستار أبو غدة رئيس الهيئة الشرعية الموحدة في مجموعة البركة المصرفية في بحثه عن «تعهدات مديري العمليات الاستثمارية» التي تصدر لمشتركين في الأوعية الاستثمارية المختلفة ما بين مشاركة أو مضاربة أو وكالة بالاستثمار، أو الصكوك والصناديق الاستثمارية وما يجوز من تلك التعهدات، وما لا يجوز، وعلاقة التعهد بالشراء بالقيمة الاسمية بالضمان للمخاطر التي يتعرض لها المشتركون في تلك الأوعية مع الكلام عن التعهد بغير الشراء.
وتعتبر الفتاوى والتوصيات التي تصدر عن ندوة البركة للاقتصاد الإسلامي السنوية مرجعا علميا، وقاعدة بيانات ومعلومات تسترشد بها الأبحاث والفتاوى الصادرة عن الهيئات الشرعية للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، والمجامع الفقهية، والهيئات والمنظمات المختلفة في سائر أنحاء المعمورة، حيث تستند معظم قرارات وتوصيات الهيئات الشرعية والمجامع الفقهية والهيئات والمنظمات المختلفة على تلك الثروة من الفتاوى والتوصيات.
http://aawsat.com/details.asp?section=58&article=583675&issueno=11592
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق