الأحد، 9 يناير 2011

الإسلام يرفض الارهاب * د. ناصر طهبوب

قبل الخوض في تفاصيل موقف الاسلام من العنف يجب اولا ان نوضح مفهوم العنف والارهاب وان نسعى لايجاد تعريف شامل اقرب ما يكون لهذه الظاهرة التي باتت حديث الساعة في العالم.

الارهاب لغة تعني الاخافة ، وهناك العديد من المفردات التي يمكن استخلاصها ايضاً مثل الرهبة وتعني الخوف و الترهيب أي التخويف وكلمات (ارهاب رهبة وترهيب) جميعها مأخوذة من مصدر واحد وهو رهب.


وهناك العديد من الفقهاء الدوليين الذين اوردوا تعريفات للارهاب فعلى سبيل المثال: عرف "جي فانوفتش" الارهاب بانه الاعمال التي من شأنها ان تثير الاحساس بالخوف لدى أي شخص من خطر ما قد يأتي بأي صورة.

وهنالك تعريف مقبول عالميا بأن الارهاب هو استخدام العنف او التهديد باستخدامه بهدف تحقيق اهداف من جانب افراد او جماعات سواء كانوا يعملون مع السلطة الحكومية او ضدها.

اما تعريف الارهاب من وجهة النظر الاسلامية فهو العدوان او التخويف الذي يمارسه افراد او جماعات او دول بحق الانسان ويمكن ان يكون هذا العدوان مادياً او معنويا ويشمل العدوان مختلف أشكال الأذى والقتل والتهديد بغير حق أي انه يضم كل فعل يسعى الى ايقاع الرعب والأذى بين الناس.

في اثناء الحرب الباردة كان الغرب يركز في صراعه على مواجهة الشيوعية أي انهم كانوا يسعون لان يكون الاسلام حليفا لهم او على أقل تقدير ليس عدوا وذلك حتى يكون التركيز منصباً على مقاومة الشيوعية ولكن بعد سقوط الشيوعية بسقوط اكبر دعائمها الاتحاد السوفيتي في تسعينيات القرن الماضي بدأت حالة الدعم او التعاون التي كانت سائدة من جانب الغرب نحو الاسلام بالتلاشي. حيث ظهرت العديد من المصطلحات ومنها: الاسلاموفوبيا والاصولية الاسلامية والارهاب الاسلامي. ولعل الاحداث الارهابية التي شهدته الولايات المتحدة في الحادي عشر من ايلول عام 2001 زادت من المخاوف الغربية كون ان من قام بهذه العمليات هي جهات اسلامية متطرفة.

ومن العوامل التي ساعدت على تزايد موجات التخوف من الاسلام من جانب الغرب ارتفاع وتيرة اعمال العنف في العالم الاسلامي والتي تعود اسبابها الرئيسة الى سياسة الحرب الاستباقية والفقر المدقع ، ففي العراق اخذت الحركات الارهابية تنشط بحجة المقاومة مستهدفة المدنيين اضافة الى ذلك فان الهجمات الارهابية التي تعرضت لها عمان في العام 2005 تدل على ان الحركات التي تدعي الاسلام هي بعيدة كل البعد عن الدين الاسلامي الذي يحرم قتل الابرياء.

لقد تضمن الاسلام العديد من الاحكام والاوامر التي تنظم علاقة البشر فيما بينهم فمن ابرز المبادئ التي تتضمنها الشريعة الاسلامية:

- عدم الاعتداء ، اي ان المسلم لا يقاتل الا من يعتدي عليه.

- كما نهى الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الشيخ الكبير والطفل والنساء وكل من هو غير قادر على حمل السلاح وهذه القيم هي ذات القيم التي سعت اتفاقية جنيف عام 1949 الى نشرها والعمل بها في الوقت الحالي ولكن دون أي جدوى.

- نهت رسالة الاسلام عن الاعتداء على دور العبادة.

- أكد سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - ان الحرب لا تستباح بها الدماء حيث أكد النبي - صلى الله عليه وسلم - على ان الاسلام يوصي باحترام النفس الانسانية.

- اضافة الى ذلك اكدت الشريعة الاسلامية ان رسالة الاسلام هي رسالة سلام وقد اكدت على ذلك آيات القرآن الكريم.

- على الرغم من وضوح تعاليم الاسلام وأحكامه ونصوصه الشرعية التي تدل على ان هذا الدين جاء رحمة للناس وان هدفه نشر العدل بين الناس الا ان هناك العديد من الجهات التي تسعى الى تفسير هذا الدين بطريقتها الخاصة وهذا التفسير الخاطئ لتعاليم الاسلام مرده اما خداع الشعوب من خلال ما يُرفع من شعارات باسم الدين من اجل تحقيق مكاسب دنيوية او الجهل الحقيقي بتعاليم الاسلام ولمواجهة مثل هذه الاتجاهات التي تنشر فهماً مغلوطاً عن تعاليم الاسلام لا بد من تنشيط الحملات التي توضح حقيقة الدين الاسلامي وشرح الادلة التي تثبت ان الدين الاسلامي هو دين الوسطية والاعتدال وهو الدين الصالح لكل زمان ومكان.

هناك العديد من القيم التي يتحلى بها الاسلام والتي دعا اليها منذ انطلاق رسالة الاسلام قبل ما يزيد عن 1400 عام وأبرز هذه القيم والمساواة بين البشر في الحقوق والواجبات والتأكيد على العدل والحفاظ على ممتلكات الجميع كما وأكدت رسالة الاسلام على الوفاء بالعهود والمواثيق وعدم التمييز بين الناس على أساس العرف او اللون او الجنس حيث يهدف الاسلام الى تحقيق العدل والاستقرار داخل المجتمعات.

وفي هذا السياق فان قبول الاسلام لاصحاب الديانات الاخرى يزيد من درجة التعاون فيما بينهم من اجل رقي المجتمع الانساني كما ان هذا القبول يساعد بشكل كبير على الانفتاح والاستفادة من تجارب الاخرين.

وأهم القيم والخصائص التي يدعو ويتمتع بها الدين الاسلامي هي الوسطية والاعتدال فالدين الاسلامي دين ينهي عن الغلو والتطرف ، فالوسطية في الاسلام مطلوبة في مختلف جوانب الحياة وكافة الامور الدينية والدنيوية وابرز الاهداف التي تسعى الوسطية الى تحقيقها هي التمسك بالاسلام كمنهج حياة و الابتعاد عن الغلو والتطرف.

ان الاسلام ينهى عن قتال أهل الكتاب من اليهود والنصارى أي ان الاصل في العلاقة معهم هو السلم بالتالي فان تهديد اهل الكتاب واستهدافهم من جانب الجماعات المتطرفة التي تدعي الاسلام كما هو الحال في استهداف للكنائس في مصر والعراق فهذه امور غير مقبولة ويرفضها الدين الاسلامي.

ان الارهاب لا يرتبط بدين او بمكان او زمان فهو منتشر بمختلف بقاع العالم كما انه لا يعرف زمان معين اضافة الى ذلك فانه لا بد من التأكيد على ان ما تقوم به فئة ضالة تدعي الاسلام من اعمال الارهاب فهي لا تمت للاسلام بصلة لان اهم تشريعات الاسلام وهي القرآن والسنة تنهيان عن مثل هذه الافعال كما ان الدين الاسلامي يؤيد على التعارف والتعاون بين الشعوب والامم ويرفض فكرة صراع الحضارات.


المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق