الخميس 12/12/1431 هـ - الموافق 18/11/2010 م
يشكل موسم الحج تجربة فريدة للمسلمين "الجدد" القادمين من أوروبا وآسيا، الذين تتزايد أعدادهم بشكل مطّرد، إذ لا يقتصر على الارتقاء بالجانب الروحي وأداء الفريضة، بل يتعداه ليكون منطلقا لحياة جديدة يتحولون فيها إلى سفراء للإسلام في بلادهم، ومنبرا دعويا يشهر خلاله المئات من أقاربهم إسلامهم في جو إيماني مفعم بالسعادة والحماس لأداء المناسك.
واعتبر مدير مؤسسة "إمبريس" آدم كلويك -وهو بريطاني أسلم قبل 11 عاما ويشرف على رحلات حج المسلمين الجدد- أن هؤلاء بعد أدائهم فريضة الحج يشكلون جسرا بين مجتمعهم والمسلمين، وجسرا مع غير المسلمين، مشيرا في حديث للجزيرة نت إلى أن كل مسلم جديد يعود إلى أوروبا محملا بكل إيجابيات الحج.
وأوضح أن جميع المسلمين بما فيهم الجدد يتعلمون دروسا في الحج الذي سماه "رحلة الحياة والعمر"، مبينا أنها تتمثل بـ"الأخوة والصبر والوحدة والتعاون بين الناس والتقرب إلى الله إضافة إلى الجهاد الجسدي والروحي".
|
نور الدين ولدمان (الجزيرة نت) |
تجارب إيمانية
من جانبه، يروي نور الدين ولدمان وهو هولندي أسلم قبل ثلاث سنوات ويحج لأول مرة، كيف دخل الإسلام بعد دراسة وقراءة مستفيضة استمرت أربع سنوات، مشيرا في حديثه للجزيرة نت إلى أنه اكتشف في الحج معنى أوسع لمفهوم الأمة، كما ازداد حبه للقرآن الكريم عندما رأى الناس على اختلاف ألوانهم وألسنتهم يتلون آياته بخشوع.
ورغم أن ولدمان يصنف نفسه بأنه "غير عاطفي" فهو يقول إن مشاعر جياشة انتابته عندما شاهد الكعبة لأول مرة فلم يستطيع أن يمنع دموعه، وانخرط في دعاء لله تعالى أن يمن بالهداية على والديه، حيث إن والدته مسيحية ووالده ملحد.
ويفضل ولدمان عدم تسرع المسلمين الجدد في الذهاب إلى الحج، وينصحهم بتأجيل هذه الفريضة إلى حين قراءة سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وإتقان أركان الإسلام من صلاة وصوم وزكاة، ثم يأتي دور الحج ليرى المسلم الكعبة التي كان يتجه إليها في كل صلاة.
ورغم قصر مدة إسلامه فإن لدى ولدمان أنشطة دعوية تشمل مؤسسة "اكتشف الإسلام" الهولندية التي يسلم عبرها نحو 500 شخص سنويا، و"الباحث عن المساجد" وهو موقع إلكتروني بالهولندية يتضمن معلومات عن المساجد في هولندا ومواقعها وعددها الذي يزيد على 450 مع توضيح اللغة التي تقدم بها خطبة الجمعة في هذه المساجد وتحديد ما يوجد فيه أماكن للنساء منها.
|
آلن كلوب (الجزيرة نت) |
حياة جديدة
وفي منى أيضا التقت الجزيرة نت الفرنسي آلن كلوب الذي أطلق على نفسه اسم علي، حيث روى كيف أن الحج كان بداية لحياة جديدة أشعرته بالقرب من الله ومن الناس وبالسعادة الحقيقية.
ويضيف كلوب الذي أسلم في مارس/ آذار الماضي بعد أسابيع من وصوله للسعودية للعمل بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا، أنه يتمنى أن يكون قدوة لابنتيه لتعتنقا الإسلام.
الجوال الدعوي
وفي هذه الحملة التي تحتضنها شركة الراجحي لخدمات الحجاج للعام الرابع على التوالي، تلعب مكاتب الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات دورا هاما في برنامج المسلمين الجدد، حيث يحج عبر الحملة هذا العام ثلاثة آلاف مسلم ومسلمة معظمهم من الفلبين والصين والهند إضافة إلى بعض الدول الأوروبية.
وتتميز هذه الحملة ببرنامج "الجوال الدعوي"، حيث يقوم المسلمون الجدد عبر مترجمين ودعاة بدعوة ذويهم وزوجاتهم للإسلام، فيستجيب كثيرون منهم وسط تكبير الحضور.
|
آدم كلويك (الجزيرة نت) |
ويقول نايف الراجحي المشرف على الحملة إن المئات من ذوي المسلمين الجدد أسلموا بهذه الطريقة حيث بلغ عددهم هذا العام ما بين 150 و200 شخص، بعدما أسلم في العام الماضي 175 وفي العام الذي سبقه 107.
وتهدف هذه التجربة، وفق الراجحي، لقيام المسلم الجديد بنقل التجربة إلى أهله بأحاسيس صادقة.
ويصف الدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري من جامعة الملك سعود ما يحدث من دعوة عبر الجوال بأنه أمر عجيب لا يمكن أن يرى في أي مكان آخر في العالم عدا الحج، معتبرا ذلك تفسيرا جديدا للآية الكريمة "ليشهدوا منافع لهم" إذ إن بعض المسلمين الجدد حاولوا مرارا دعوة أسرهم قبل الحج دون جدوى، لكنهم استجابوا هذا اليوم في آية وكرامة يمن الله بها على عباده في هذا المكان الطاهر.
ومن بين المسلمين الجدد الذين استفادوا من هذا البرنامج عبد الرحمن خليو من الفلبين الذي أسلم قبل أكثر من عام ويحج للمرة الأولى وقد أسلمت زوجته عبر الهاتف أثناء أدائه الحج.
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، قال خليو إنه يشكر الله على نعمه، معتبرا أنه ولد من جديد، ِوهو شعور عبر عنه العشرات من المسلمين الجدد في موسم حج هذا العام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق