الخميس 18 نوفمبر 2010
وفرت زيارة أوباما إلى إندونيسيا الأسبوع الماضي فرصة نادرة للولايات المتحدة للاعتراف بتقدم إندونيسيا العالمي الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والمجتمعي والثقافي، ولتشجيع العناية والاهتمام المستمرين اللذين توليهما الحكومة والمجتمع المدني للمهمة الهائلة في بناء السلام المستدام في إندونيسيا وعبر جنوب شرق آسيا وما وراءها.
وتعتبر إندونيسيا، وهي ديمقراطية ناشئة لها تاريخ طويل من الاعتدال العلماني، رابع دولة في العالم من حيث الكثافة السكانية، حيث يسكنها أكثر من 250 مليون نسمة في 17.000 جزيرة. وقد تمتعت الدولة بفترة جيدة من السلام والاستقرار، إلا أن هناك حاجة للمزيد من العمل لإرساء قواعد السلام في مناطق النزاع السابقة والحالية في إندونيسيا، ولمواجهة التطرف والعنف.
وقد أثارت زيارة أوباما، التي تأجلت مرات عديدة، المزيد من العواطف، إذ يحتج العديد من الإندونيسيين على العمليات العسكرية الأميركية المستمرة في العراق وأفغانستان، واليأس المستمر للشعب الفلسطيني، الذي يُلقى باللوم بسببه ليس فقط على إسرائيل وإنما كذلك على السياسة الأميركية.
ورغم أهمية هذه القضايا وضرورة التعامل معها، فإنه يتوجب على أوباما عدم تركها تهيمن على سياسته، حيث أن معظم الإندونيسيين يرغبون في اعتناق أسلوب جديد نحو الأمام في العلاقات الأميركية الإندونيسية.يستطيع أوباما من خلال التركيز على قضايا مثل التعاون الاقتصادي والرعاية البيئية والحكم الرشيد واستئصال الفقر والنضال ضد الإرهاب، أن يضع أسس الطريق، وأن يدفع بأجندته العالمية الطموحة قدماً. فالوقوع في شرك التوجهات السلبية لا ينفع إلا قليلاً بعد أن ثبت أن التوجهات الإيجابية هي أكثر فاعلية.
يتوجب على أوباما كذلك أن يعتبر إندونيسيا منبراً مهماً لمخاطبة العالم المسلم، والبناء على غصن الزيتون الذي قدمه في القاهرة السنة الماضية. يملك أوباما، من خلال مخاطبته الإندونيسيين والمواطنين العالميين فرصة لإحياء الأمل بعالم أكثر سلاماً كالذي دفعه نحو هذا المنصب العالي، في وقت يُعتبر العالم في أمسّ الحاجة إليه. يجب ألا تلهي أية تحديات محلية أو تحولات في الحكم، كبيرة أكانت أم صغيرة، أوباما عن التزاماته بجسر الفجوة بين ما يسمى بالعالم المسلم والعالم الغربي، والعالمين الشرقي والغربي، والشمال والجنوب.
يتوجب على أوباما كذلك أن يوفر تشجيعاً لطيفاً متواضعاً لإندونيسيا ليس فقط للحفاظ على التزاماتها العالمية، وإنما كذلك لتأخذ دوراً قيادياً في تشجيع التسامح الديني ودفع الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية قدماً، إقليمياً وعالمياً.
ويشكل جنوب شرق آسيا مكاناً ممتازاً للبدء بذلك، وقد أظهرت إندونيسيا قدرتها القيادية من خلال تشجيعها الديمقراطية في دولة بورما المجاورة. إضافة إلى ذلك فإن لدى إندونيسيا الكثير لتقدمه لتايلاند والفلبين وهما تتعاملان مع أعمال تمرد على مستويات منخفضة وفترات متقطعة من عدم الاستقرار السياسي.
ويتوجب الاستفادة من إندونيسيا كلاعب استراتيجي في دفع السلام العالمي والأمن في أماكن أخرى. يمكن لدعم إندونيسيا وتشجيعها أن يشكلا واحداً من مفاتيح حل لغز طموحات إيران النووية، حيث أن الكثيرين يرونها مشاركاً مسلماً عادلاً وغير متحيز. يجب اتباع الدبلوماسية المعقولة المرتكزة على المنطق في الأمم المتحدة من قبل عدد متزايد من الأطراف القلقة، بحيث تلعب إندونيسيا دوراً قيادياً.
وبالمثل، يمكن لإندونيسيا أن تشكّل عنصراً أساسياً في إعادة تنشيط عملية السلام في الشرق الأوسط، التي توقفت مرة أخرى. يمكن لإيماءات مُهمة نحو إسرائيل، مثل روابط دبلوماسية واقتصادية، أن تشكل حافزاً لأسلوب جديد نحو الأمام لكافة اللاعبين المعنيين.
يجب عدم تجاهل دور إندونيسيا المهم كصاحبة مصالح واهتمامات عالمية. ويتوجب على الولايات المتحدة أن تبني وتطور العلاقة مع شريكها وحليفها القوي في مجموعة G20. لقد حان الوقت للانتقال إلى ما وراء نماذج الاستعمار والهيمنة والإمبريالية، واعتناق الحوار والتعاون متعدد الأطراف. لقد فُتِن العديد من الإندونيسيين بأوباما منذ بداية حملته الانتخابية الرئاسية. فلنبن على هذه العلاقة الشخصية القوية الإيجابية ولنبدأ بتحويل التاريخ من خلال المشاركة المفتوحة والصادقة والبنّاءة.
بريان دي هانلي
مدير منظمة البحث عن أرضية مشتركة لمنطقة آسيا
ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
المصدر
وتعتبر إندونيسيا، وهي ديمقراطية ناشئة لها تاريخ طويل من الاعتدال العلماني، رابع دولة في العالم من حيث الكثافة السكانية، حيث يسكنها أكثر من 250 مليون نسمة في 17.000 جزيرة. وقد تمتعت الدولة بفترة جيدة من السلام والاستقرار، إلا أن هناك حاجة للمزيد من العمل لإرساء قواعد السلام في مناطق النزاع السابقة والحالية في إندونيسيا، ولمواجهة التطرف والعنف.
وقد أثارت زيارة أوباما، التي تأجلت مرات عديدة، المزيد من العواطف، إذ يحتج العديد من الإندونيسيين على العمليات العسكرية الأميركية المستمرة في العراق وأفغانستان، واليأس المستمر للشعب الفلسطيني، الذي يُلقى باللوم بسببه ليس فقط على إسرائيل وإنما كذلك على السياسة الأميركية.
يتوجب على أوباما كذلك أن يعتبر إندونيسيا منبراً مهماً لمخاطبة العالم المسلم، والبناء على غصن الزيتون الذي قدمه في القاهرة السنة الماضية. يملك أوباما، من خلال مخاطبته الإندونيسيين والمواطنين العالميين فرصة لإحياء الأمل بعالم أكثر سلاماً كالذي دفعه نحو هذا المنصب العالي، في وقت يُعتبر العالم في أمسّ الحاجة إليه. يجب ألا تلهي أية تحديات محلية أو تحولات في الحكم، كبيرة أكانت أم صغيرة، أوباما عن التزاماته بجسر الفجوة بين ما يسمى بالعالم المسلم والعالم الغربي، والعالمين الشرقي والغربي، والشمال والجنوب.
يتوجب على أوباما كذلك أن يوفر تشجيعاً لطيفاً متواضعاً لإندونيسيا ليس فقط للحفاظ على التزاماتها العالمية، وإنما كذلك لتأخذ دوراً قيادياً في تشجيع التسامح الديني ودفع الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية قدماً، إقليمياً وعالمياً.
ويشكل جنوب شرق آسيا مكاناً ممتازاً للبدء بذلك، وقد أظهرت إندونيسيا قدرتها القيادية من خلال تشجيعها الديمقراطية في دولة بورما المجاورة. إضافة إلى ذلك فإن لدى إندونيسيا الكثير لتقدمه لتايلاند والفلبين وهما تتعاملان مع أعمال تمرد على مستويات منخفضة وفترات متقطعة من عدم الاستقرار السياسي.
ويتوجب الاستفادة من إندونيسيا كلاعب استراتيجي في دفع السلام العالمي والأمن في أماكن أخرى. يمكن لدعم إندونيسيا وتشجيعها أن يشكلا واحداً من مفاتيح حل لغز طموحات إيران النووية، حيث أن الكثيرين يرونها مشاركاً مسلماً عادلاً وغير متحيز. يجب اتباع الدبلوماسية المعقولة المرتكزة على المنطق في الأمم المتحدة من قبل عدد متزايد من الأطراف القلقة، بحيث تلعب إندونيسيا دوراً قيادياً.
وبالمثل، يمكن لإندونيسيا أن تشكّل عنصراً أساسياً في إعادة تنشيط عملية السلام في الشرق الأوسط، التي توقفت مرة أخرى. يمكن لإيماءات مُهمة نحو إسرائيل، مثل روابط دبلوماسية واقتصادية، أن تشكل حافزاً لأسلوب جديد نحو الأمام لكافة اللاعبين المعنيين.
يجب عدم تجاهل دور إندونيسيا المهم كصاحبة مصالح واهتمامات عالمية. ويتوجب على الولايات المتحدة أن تبني وتطور العلاقة مع شريكها وحليفها القوي في مجموعة G20. لقد حان الوقت للانتقال إلى ما وراء نماذج الاستعمار والهيمنة والإمبريالية، واعتناق الحوار والتعاون متعدد الأطراف. لقد فُتِن العديد من الإندونيسيين بأوباما منذ بداية حملته الانتخابية الرئاسية. فلنبن على هذه العلاقة الشخصية القوية الإيجابية ولنبدأ بتحويل التاريخ من خلال المشاركة المفتوحة والصادقة والبنّاءة.
بريان دي هانلي
مدير منظمة البحث عن أرضية مشتركة لمنطقة آسيا
ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق