الخميس، 9 سبتمبر 2010

العالم يتوحد ضد مشروع حرق القرآن الكريم


الولايات المتحدة الأمريكية – ا ف ب :
حذرت الحكومة الأمريكية ورجال دين ومنظمات غير حكومية من أن عزم مجموعة بروتستانتية امريكية صغيرة على إحراق مصاحف يهدد في حال تم تنفيذه بزيادة توتر علاقات الولايات المتحدة مع الدول الإسلامية وتعقيد مهمة الغربيين في افغانستان.
الا ان كنيسة "دوف وورلد اوتريتش سنتر" البروتستانية الصغيرة في غينسفيل (فلوريدا، جنوب شرق) أكدت عزمها إحراق مئات المصاحف علنا السبت في الذكرى التاسعة لاعتداءات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة التي قتل فيها نحو 3000 شخص.
وعلق البيت الأبيض على الأمر بالقول إن مبادرة "دوف وورلد اوتريتش سنتر" تشكل "مصدر قلق" و"تضع قواتنا في خطر"، مؤيدا بذلك مخاوف الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الدولية في افغانستان.
ورد بترايوس على الأمر بالقول انه سيوفر دعاية إعلامية للمتمردين، قائلا "اشعر بقلق بالغ للانعكاسات الممكنة إذا ما احرقوا المصحف". واضاف إن "ذلك يمكن أن يعرض للخطر في آن معا القوات والجهود الشاملة في افغانستان".
وأعربت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون، وهي ارفع مسؤول امريكي يندد بخطط حرق المصاحف، عن سرورها "للإدانة الواضحة التي لا لبس فيها ضد هذا العمل المشين والمخزي والتي صدرت عن المسؤولين الروحيين الامريكيين من جميع الديانات، من المسيحيين الانجيليين الى الحاخامات اليهود، كما عن المسؤولين الامريكيين العلمانيين وقادة الرأي".
واعلن القس تيري جونز لشبكة "سي ان ان" الاخبارية انه "يأخذ على محمل الجد" المخاوف التي اعرب عنها بترايوس، لكنه قال انه "ينوي بإصرار" المضي في تنفيذ ما توعد به. وتأتي خطط هذه الكنيسة وسط موجة من العداء للإسلام بسبب مشروع لبناء مركز ثقافي إسلامي في نيويورك في مكان قريب من موقع هجمات 11 سبتمبر 2001.
من جهته، اعرب الأمين العام للحلف الأطلسي اندرز فوغ راسموسن عن استيائه من "عواقب وخيمة محتملة على امن قواتنا" في افغانستان حيث ضمت تظاهرة من دون عنف حوالى 200 رجل الاثنين في كابول وسط هتافات "الموت لامريكا!" و"يحيا الإسلام!".
واعلن ممثل الأمم المتحدة الخاص في افغانستان ستيفان دي ميستورا امس "اذا ما حصل عمل مشين كهذا، فانه سيعزز ذرائع الذين يعارضون السلام والمصالحة في افغانستان".
اما وكالة تنسيق المساعدة لافغانستان فلفتت باسم منظمات افغانية واجنبية غير حكومية عدة "في إطار افغانستان حيث يبقى الوضع هشا، فإن مثل هذه المبادرة قد يؤدي الى قتل مدنيين ابرياء وعمال انسانيين".
من جهتها، دانت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون المبادرة وأكدت "احترام كل المعتقدات الدينية"، كما دانها الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بشدة واعتبرها مشروعا يقوم به شخص "متعصب".
وأكدت ايران ان تنفيذ المشروع سيثير ردود فعل "لا يمكن السيطرة عليها"، بينما اعتبر احد المسؤولين في جماعة الإخوان المسلمين في مصر عصام العريان أن ذلك سيزيد من الحقد حيال الولايات المتحدة في العالم المسلم.
وحذر العالم الأزهري البارز الشيخ عبد المعطي بيومي عضو مجمع بحوث الأزهر امس من انه في حال نفذت كنيسة امريكية خطتها القاضية بحرق مئات المصاحف فإن هذا الأمر قد يؤدي الى "تخريب" العلاقات بين واشنطن والعالم الإسلامي.
وقال الشيخ بيومي الذي وصفه الرئيس الامريكي باراك اوباما في ندائه للمصالحة مع العالم الإسلامي بانه "منارة للعلم"، انه "لو عجزت الحكومة الامريكية عن وقف هذا سوف يكون (حرق المصحف) أحدث صيحة في الارهاب الديني ومعنى ذلك تخريب العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي".
وأعلن آية الله لطف الله صفي قلبايكاني من قم في ايران "اذا ما حصل مثل هذا العمل غير الانساني والفظيع في امريكا، فان الرئيس (باراك) اوباما سيستحق عندئذ الملاحقة".
من جانبه، ندد الفاتيكان "بمبادرة مسيئة حيال كتاب تعتبره طائفة دينية مقدسا"، معربا عن "قلقه العميق"، وذلك في بيان للمجلس البابوي للحوار بين الأديان. ودان الرئيس اللبناني ميشال سليمان عزم كنيسة امريكية معادية للإسلام احراق مصاحف السبت، معتبرا ان ذلك "مناف لتعاليم الديانات السماوية".
واستهجن سليمان، بحسب ما جاء في بيان صادر عن مكتبه، "ما أعلنته مجموعة دينية في الولايات المتحدة عن نيتها إحراق نسخ من القرآن الكريم على الملأ"، معتبرا ذلك "منافيا بصورة صارخة لتعاليم الديانات السماوية السمحاء ويتناقض كليا مع منطق حوار الحضارات والأديان والثقافات".
وفي اندونيسيا الدولة المسلمة الأكثر عددا للمسلمين في العالم، تخشى الأقلية المسيحية من "توترات"، وكتب اتحاد 20 ألف كنيسة مسيحية بروتستانتية في اندونيسيا الى الرئيس اوباما تحضه على التدخل.
وقال القس تيري جونز صاحب هذه المبادرة ان إحراق المصاحف يهدف الى "تذكر من قتلوا في أحداث 11 سبتمبر" وإرسال تحذير الى "العناصر الإسلامية المتطرفة". واجتمع وزير العدل الامريكي ايريك هولدر بعدد من الزعماء الدينيين لبحث سبل القضاء على موجة العداء للإسلام.
وقالت فرحانة خيرا مديرة جمعية "المناصرين للإسلام" عقب الاجتماع ان هولدر وصف خطط حرق المصحف بانها "غبية وخطيرة"، إلا انه اعرب عن أسفه لأن الحدث بحد ذاته لا يشكل انتهاكا للقانون الفيدرالي.
ويتوقع أن يصادف إحياء ذكرى 11 سبتمبر مع عيد الفطر الذي يحتفل به نحو 1، 5 مليار مسلم في أنحاء العالم. أما الحاخام نانسي كريمر فقالت "نحن نشعر بالاستياء الشديد والحزن العميق بسبب حوادث العنف التي ارتكبت ضد مسلمين في مجتمعاتنا، وكذلك بسبب تدنيس بيوت العبادة الإسلامية".
وتأسست كنيسة "دوف وورلد اوتريتش سنتر" عام 1986 وهي كنيسة بروتستانتية صغيرة لا يزيد عدد أتباعها عن 50 شخصا وتصف الإسلام بأنه "دين شيطاني" يسعى إلى الهيمنة على العالم.
ووصفت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل هذه الحملة ب"المشينة" وأثناء كلمتها في مدينة بوتسدام بأنها "غير جديرة بالاحترام ومنفرة وخاطئة" قائلة إن الحرية دائما "مرتبطة بالمسؤولية".
من جهة أخري أدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الحملة معتبرا أن مثل هذه الأعمال لا يمكن أن تحظى بدعم "أي ديانة". وقال بان كي مون في بيان "إن الأمين العام يشعر بقلق شديد إزاء المعلومات التي تتعلق بمجموعة دينية صغيرة تنوي إحراق مصاحف.
إن مثل هذه الأعمال لا يمكن أن تحظى بدعم أي ديانة". واضاف بان كي مون في بيانه "انهم يخالفون جهود الامم المتحدة وعدد كبير من الأشخاص عبر العالم لتشجيع التسامح والتفاهم بين الثقافات والاحترام المتبادل بين الثقافات والديانات".
جريدة الراية، الخميس 9/9/2010م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق