السبت، 5 مارس 2011

مجلة العالم الإسلامي.. رحلة تبشير في مائة عام

مرور مائة عام على صدور مجلة العالم الإسلامي
 أمل خيري
 
   احتفلت مجلة العالم الإسلامي "The Muslim World" مطلع هذا العام بمرور مائة عام على صدورها كأقدم مجلة تبشيرية موجهة للإرساليات التبشيرية المتجهة للعالم الإسلامي، تقدم من خلالها للمبشرين دراسات موسعة عن سبل التبشير المختلفة، وتتابع أنشطة الحملات التبشيرية في العالم الإسلامي. ومع استهلال عام 2011 أصدرت المجلة عددا خاصا للاحتفالية المئوية الأولى حرصت فيه على بيان مقدار التغير والتطور الذي شهدته المجلة في سياستها التحريرية حتى صارت اليوم مجلة أكاديمية متخصصة حول الإسلام والمسلمين.
 
من التبشير إلى الموضوعية
 
على مدى مائة عام كاملة واصلت مجلة العالم الإسلامي صدورها وانتشارها في أكثر من 65 دولة، لتعمل على تعزيز ونشر البحوث العلمية حول الإسلام والمجتمعات المسلمة الماضية والحالية، ودراسة جوانب من العلاقات بين المسيحيين والمسلمين. وتتضمن المجلة الفصلية مقالات وبحوث بشأن الإسلام في التاريخ الوسيط والمعاصر، إضافة لعروض الكتب ومتابعة الأبحاث والدراسات الحديثة.
 
شهدت المجلة في تطورها عبر السنوات الماضية تحولا جذريا في توجهاتها، بداية من اتباع الوسائل التبشيرية المباشرة والمتعصبة إلى انتهاج الأكاديمية والصفة البحثية في محتوى المجلة، خاصة مع تغيير هيئتها التحريرية التقليدية من مبشرين متعصبين إلى كتاب ومفكرين أكاديميين، بعضهم من المسلمين.
والمجلة يرأس تحريرها حاليا الدكتور يحيى محمد ميشوت "Yahya Michot" المحاضر بالمركز الإسلامي بكلية اللاهوت، جامعة أوكسفورد، وزميل مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية، وهو مسلم بلجيكي الجنسية وله العديد من الكتب والمقالات في الفكر الإسلامي خاصة عن ابن تيمية وابن سينا.
 
كتب ميشوت في هذا العدد مقالا بعنوان "100 عام من مجلة العالم الإسلامي" اعتبر فيه أن استمرار صدور المجلة على مدى قرن كامل هو إنجاز هائل، وأن المجلة قد أصبحت عاما بعد آخر مدرسة لصنع السلام وبناء الجسور بين المسلمين والمسيحيين، حيث أصبحت أكثر حرصا على فهم المسلمين حاضرهم وماضيهم، والتحولات المستمرة التي يشهدها العالم الإسلامي، وتعهد ميشوت أن تستهدف الفترة القادمة أيضا دراسة توقعات وطموحات المسلمين.
 
وأكد ميشوت أن المجلة لا تتوجه للمسلمين في العالم الإسلامي بمعناه القديم ولكنها موجهة لكل المسلمين في كل مكان في العالم، حتى في أوروبا وأمريكا. ليتحول مفهوم دار الإسلام من المعنى الضيق إلى معنى أكثر شمولا حيث يعيش كل المسلمين سواء كانوا أقلية أو أغلبية في علاقات جيدة مع جيرانهم من الأديان الأخرى، خاصة في أوروبا والولايات المتحدة.
 
وعلى الرغم مما اعتبره البعض نهاية التاريخ يرى ميشوت أن المؤمنين في العالم في تزايد، وهناك العديد من الأصوات المنادية بمحاربة الفقر والمرض والجوع والظلم ولإنقاذ كوكب الأرض، ومن بين هذه الأصوات فئة اختارت الإسلام دينا لها، ولن يكون هناك مستقبل إنساني لو لم يُسمح بسماع هذه الأصوات. لذا تحرص المجلة على تقديم منبر لسماع المسلمين، الذين يؤمنون بفرضية طلب العلم والحكمة ولو من الصين.
ويوضح ميشوت أن نهج المجلة قد اختلف، وأن عهد التبشير قد ولى، ولا بد أن تفتح المجلة مسارات جديدة للتوجه نحو الدراسات الأكاديمية والعلمية التي تفتح آفاق التفكير والتعاون بين الأديان لحل مشكلات العالم الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
 
العالم الإسلامي سيرة تاريخية
 
في نفس العدد قدم مينليب دال Minlib Dallh لمحة تاريخية للمجلة ذكر فيها أنه على مدى قرن كامل غدت المجلة أقدم مجلة في مجال دراسة العلاقات المسيحية - الإسلامية، والمرجع الأساسي حول الإسلام والمسلمين، وما زالت تمثل علامة مضيئة لدى كثير من القراء من المسلمين والمسيحيين على حد سواء.
 
نشأت المجلة عام 1911 كنتاج لمؤتمر التبشير العالمي الذي عقد في أدنبرة عام 1910 مثلما أشار صمويل زويمر في العدد الأول. ومنذ نشأتها حتى اليوم تصدر كمجلة فصلية، بدأ نشرها من القاهرة في الفترة من 1911- 1928، ثم انتقلت إلى برنستون من 1928-1938، وأخيرا دعمها معهد هارتفورد اللاهوتي Hartford seminary منذ عام 1938.
 
ويؤكد مينليب أن المجلة التي بدأت على يد أحد المبشرين المتعصبين (صمويل زويمر) قد أصبحت الآن برئاسة تحرير أحد العلماء المسلمين (يحيى ميشوت)، وتضم هيئة التحرير إنجريد ماتسون Ingrid Mattson أستاذة الأديان بكلية هارت فورد والتي اعتنقت الإسلام في الثمانينيات، وهذا إشارة إلى مقدار التغير الذي شهدته المجلة عبر تاريخها.
 
ويوضح مينليب أن محرري المجلة ظلوا في صراع لعدة عقود بين اختيارين، أولهما الإبقاء على المنحى التبشيري للمجلة الذي ابتدأه زويمر، ومن ثم تظل المصدر الأساسي لمتابعة الأنشطة التبشيرية في العالم الإسلامي، والخيار الثاني التوجه نحو الأكاديمية والموضوعية وإثراء الحوار مع الإسلام وهو الخيار الذي انتصر في نهاية الأمر.
 
قام أيضا معهد هارتفورد اللاهوتي بإجراء تحولات واسعة خاصة منذ السبعينيات من القرن العشرين والتي كان لها تأثير مباشر في تغيير توجهات المجلة. خاصة بعد إنشاء مركز دونكان بلاك ماكدونالد لدراسة الإسلام والعلاقات المسيحية- الإسلامية The Duncan Black Macdonald Center عام 1973 والذي مثل نقلة نوعية. بالطبع كان هناك العديد من المختصين الذين رأوا أن كلاً من المجلة والمركز قد حادا عن المسار الذي رسمه زويمر وكرس حياته له، بينما رحب آخرون بتوجه المجلة نحو التوجه الأكاديمي والعلمي ونحو تعزيز الحوار الديني.
ويعتبر مينليب أن بقاء المجلة حتى الآن كمنتدى للمقالات الأكاديمية عن الإسلام في الماضي والحاضر، والدراسات حول العلاقات المسيحية - الإسلامية، يعود لهذا التحول الهائل في السياسة التحريرية للمجلة.
ثعلب التنصير
يستعرض مينليب في مقاله ملامح سمات السياسة التحريرية للمجلة بدءا من صمويل زويمر (1867: 1952) الذي أسماه البعض "الرسول إلى العالم الإسلامي" لكونه من أشد المبشرين تعصبا، حيث حمل على عاتقه مهمة تنصير المسلمين لعدة عقود. بدأ كعالم رائد في دراسة اللغة العربية، ثم أصبح قائدا للمنصرين، ثم تحول أخيرا ليصبح أستاذا بمعهد برينستون الديني.
 
وتحت إدارة زويمر ظلت المجلة تحافظ على شريحة معينة من القراء تمثلت في الإرساليات التبشيرية الموجهة للعالم الإسلامي. حرص زويمر على تزويدهم بالمعرفة المطلوبة حول مظاهر وجوانب الدين الإسلامي كي يتمكنوا من ممارسة مهمتهم التبشيرية بدقة.
 
قصد زويمر لإنزال الدراسات الإسلامية من الأبراج الأكاديمية العاجية إلى أرض الواقع ليستفيد منها المبشرون، أيضا كان لديه رغبة وحماسة شديدة تجاه تنصير المسلمين، فعلى حد قوله "لا تهدف المجلة لتمثيل فصيل أو اتجاه معين من الكنيسة، بل لتكون رسالة موجهة لجميع الذين يحملون في قلوبهم الإيمان المسيحي ويسعون لنشر المسيحية من أجل السلام والصلاح للحياة، فهي ليست مجلة مخصصة للمناظرات والجدل". واعتبر البعض أن هذه العبارة تلخص خبرة شخصية أكثر من عشرين عاما لجهود زويمر في التنصير.
قام زويمر بتغيير لهجته من نبرة الهجوم على الإسلام إلى التركيز على إظهار الأوجه والجوانب المختلفة للإسلام. ورغم أن مجلته هدفت في البداية أن تكون منبرا لأنشطة التبشير إلا أنه بمرور الوقت اعترف بالحاجة لتغيير وسائل التبشير ونهج البعثات التبشيرية فاعتبر نفسه في خدمة الكنيسة لتوصيل صوتها للمسلمين، لذا نجد كتابات المجلة في فترة إدارته تضم أسماء كبار المبشرين والمستشرقين المتعصبين مثل جولدتسهير، ونولدكه، ومارجليوث، وهارتلمان.....، وتحولت المجلة لساحة أكاديمية لهؤلاء المستشرقين لعرض أنشطة المنصرين في العالمين العربي والإسلامي.
التنصير في ثوب جديد
ثم جاء دونكان ماكدونالدز Duncan Black Macdonald ليطور المجلة، رغم أنه لم يحررها بنفسه، إلا أن مقاله "روح البعثات المسيحية" يوضح رؤيته الخاصة للمجلة والتي سنفصلها في موضع لاحق. خدم دونكان في المجلة على مدى أربعة عقود، جاء من اسكتلندا عام 1892 لتدريس اللغات السامية، حيث أضاف اللغات السريانية والعربية لمناهج الدراسة في المعهد.
 
تحولت المجلة من بعثة تبشيرية مسيحية تحاول الوصول للمسلمين إلى دراسة الإسلام والعلاقات المسيحية- الإسلامية. لم يعد الإسلام يُنظر إليه بعدسة أو عيون مسيحيين متدينين، بل عُرف كنظام عقيدي متفرد بذاته. وحاول دونكان تطوير المجلة لتتحول من تصحيح أخطاء المسلمين إلى تحقيق علمي للتطور الداخلي للفكر الإسلامي وتطبيقاته.
 
وبعد ماكدونالد أتى إدوين كلافيرلي Edwin Claverley، الذي بدأ العمل محررا في المجلة عام 1948، وهو أحد تلامذة دونكان المخلصين، عمل محررا مساعدا تحت إشراف زويمر، وكان أول ما كتبه في المجلة "لا شيء غير دقيق وغير منصف حول الإسلام". عمل إدوين على تمكين القراء (من المبشرين والمفكرين المسيحيين) من اكتشاف ما يفكر فيه المسلمون عنهم. وهو الذي قام بتغيير عنوان المجلة من Moslem World إلى Muslim World عام 1947.
 
ثم جاء كينيث كراج Kenneth Cragg بعد إدوين، وكان قد التحق بالمعهد عام 1951 ليعمل مدرسا للغة العربية والدراسات الإسلامية، ثم أصبح محررا للمجلة في عام 1953. نظر البعض لكتاباته ليس فقط على أنها تحول بل ثورة. كتب مقالات عديدة تخدم العلاقات المسيحية- الإسلامية. فقد نحى بالمجلة لمنحى أكاديمي وعلمي، مما أدى لتحولات كبرى في المجلة.
 
لقد أخذ كراج بجدية مسألة الوعي والإدراك بالإسلام والمسلمين، وعلى عكس دونكان لم ير الإسلام بدعة أو إلحادا عن المسيحية، أو رمزا للشر والضلالة كما رآه زويمر، أو طريقة جديدة للرق والعبودية كما يرى بعض المفكرين الليبراليين. فقد رأى الإسلام مشكلة عقدة وليست مشكلة دينية أو ثقافية اجتماعية.
 
طلب كراج من كل من المسيحيين والمسلمين أن يظهر كل منهما ترحيبه بالآخر، وفتح القلب والعقل معا لاستيعاب الآخر. ومع هذا ظل محافظا أيضا على الخط الذي انتهجه زويمر ودونكان. وفكرة التبشير لم تختف كذلك في كتاباته. لقد أكد على أهمية البعثات التبشيرية واعتبرها ليست فقط لخدمة التبشير بل لخدمة الدين المسيحي كله. وفي عام 1952 قام كراج بتغيير العنوان الفرعي للمجلة إلى "مجلة فصلية للدراسات الإسلامية والتفسير المسيحي بين المسلمين".
نحو الأكاديمية والحوار
تلا كراج، بيجليفيلد W. A. Bijlefeldالذي أسس مركز ماكدونالد،وقام بتحرير المجلة من عام 1968 حتى 1992. أصبحت المجلة في عهده أكثر أكاديمية، وجمعت بين المقالات الأكاديمية حول الإسلام، ومقالات حول ضرورة الحوار بين الأديان. قرر بيجليفيلد تلافي خطورة خطاب التنصير المباشر نحو المسلمين، وقصد أن يشارك المسلمون بجدية في الحوار. كان تأثير بيجليفيلد قويا وشهدت المجلة والمعهد في عهده تغيرات جذرية.
 
يمكن القول إن المجلة بداية من إدوين كلافيرلي قد شهدت تغيرات جذرية حيث بدأت تبتعد تدريجيا عن منحى زويمر الفكري إلا أن التغيير الحقيقي كان في عهد بيجليفيلد الذي كتب: "نأمل أن تستكمل هذه الفصلية مهمتها في التأكيد على أن الاستماع باحترام وجدية وترقب للقرآن لا يتنافى مع الإيمان العميق بالمسيحية".
 لذا بدأت المجلة في عهده تضم كتابات لعلماء وطلاب من المسلمين، مما أدى بالطبع إلى تناقص أعداد القراء من المسيحيين مقابل ارتفاع أعداد القراء المسلمين. وذكر بيجليفيلد أن إدارة المجلة قد تلقت عدة رسائل شكوى من مسيحيين أكدوا أن المجلة بدأت تفقد طابعها المسيحي لتصبح أكثر أكاديمية.
 ثم جاء إبراهيم أبو ربيعة وجان سميث ليعززا من هذا التوجه الأكاديمي، وتوسع اهتمام المجلة بتلك القضايا والمناطق المهمشة في العالم الإسلامي خاصة جنوب شرق آسيا. وانصب الاهتمام الأساسي لدى أبو ربيعة على باكستان والهند وإندونيسيا وسنغافورة وماليزيا، مما وسع من نطاق المجلة سواء من حيث القراء أو الكتاب. وفي ظل عهده أيضا قدمت المجلة أعدادا خاصة حول قضية أو منطقة معينة، كما رحبت المجلة بأقلام ومساهمات القراء.
 واتسعت جهود المحررين مع اتساع خطة مركز ماكدونالد ليشمل برامج أكاديمية قوية ومنحاً دراسية إبداعية لدراسة الإسلام والعلاقات الإسلامية- المسيحية، ومبادرات محلية وقومية ودولية لتعزيز هذه العلاقات، ولتشمل أيضا محافل لحوار الأديان.
ماكدونالد.. صراع للتطوير 
شمل العدد المخصص بالاحتفالية المئوية لمجلة العالم الإسلامي أيضا مقالا بعنوان "رحلة من التبشير إلى الحوار" يتناول رحلة دونكان ماكدونالد ( 1863 : 1943)، ومساهماته في العلاقات المسيحية- الإسلامية في الولايات المتحدة وخارجها، كتب المقال سويندام برينسي بيريم Suendam Birinci Pirim، واعتبر المقال دراسة حالة لتطور نهج المجلة من التبشير إلى الحوار من خلال التركيز على ماكدونالد أستاذ اللغات السامية في هارتفورد في الفترة من (1892 :1940).
 لم ينفك ماكدونالد في الاعتقاد أن اللغة العربية مفتاح دراسة اللغات السامية ومصدرا مهما للتعرف على الإسلام. ومنذ قدومه لهارتفورد دخل ماكدونالد في صراع لمحاولة إقناع الجميع بأهمية تدريس العربية والإسلام، فقد سعى لتدريب علماء حقيقيين، حيث كان الطلاب شغوفين فقط بالتعليم الديني ومهارات التبشير، لذا انتقده البعض لاهتمامه بتفصيلات دقيقة حول الإسلام. وحين وصل ماكدونالد لهارتفورد كان الاهتمام منصبا على كل ما يتعلق بالمسيحية من تاريخ ولغة وثقافة، لذا فقد لعب ماكدونالد دورا أساسيا في دعم التعليم التبشيري الجديد، خاصة أنه وجده فرصة متاحة لإجازة تدريس العربية والإسلام للمبشرين.
لم يعتبر ماكدونالد نفسه مُنصرا أو رجل دين بل مستشرقاً وباحثاً كما ذكر هو في مذكراته الشخصية، لذا فقد امتنع عن الاشتراك في الخدمات الدينية أيام الآحاد في الكنيسة مما أثار غضب الكثيرين. مقال بيريم Pirim يركز على أن مهمة ماكدونالد الأساسية لم تكن التنصير بل تدريس العربية والإسلام، لكن هذا لا ينفي تدينه المسيحي. فقد ذكر تلميذه كلافيرلي أنه "مسيحي مقتنع، ومؤمن إيمانا راسخا بالعقيدة النيقية".
 ولكنه في نفس الوقت كان يسعى لفهم الإسلام من الداخل، كما يتضح من كتاباته؛ ففي مذكراته الشخصية كتب عن رحلة له مع زوجته في الشرق الأوسط قائلا "كل الوقت الذي قضيته في القاهرة يدين الغرب الذي لم يفهم الإسلام جيدا أو تجاهله". فكان ماكدونالد من أوائل المستشرقين الذين لفتوا الانتباه إلى مصدر المشكلة بين المسيحيين وغيرهم من الأديان خاصة المسلمين، وذلك خلال رحلاته للشرق الأوسط في عامي 1907، 1908.
من المحمديين إلى المسلمين
 تمثلت المشكلة الأساسية في نظر ماكدونالد في نقص المعرفة حول الإسلام وثقافة المسلمين بين المسيحيين مما تسبب في فجوة في الاتصال والفهم. وظهرت هذه المشكلة بقوة أثناء ممارسة العمل التبشيري، مما جعله يعتقد أن الدراسات التبشيرية فرصة لتزويد طلابه بالمعرفة اللازمة عن ثقافة الإسلام ولغته، فقام بتوسيع مناهج الدراسة لتشمل اللغة العربية، ونشر كتبا حولها.
 أصبح ماكدونالد رئيسا لقسم "المحمديين" ليس للتحول للإسلام ولكن للتعاون مع أتباع ديانات أخرى. وكان من المدافعين عن الإسلام معترفا بفضل المسلمين في العلم والحضارة. ولم يقتصر تناول ماكدونالد على العلوم بل امتد ليشمل الموسيقى والشعر والميتافيزيقا والسياسة والدين. كما كتب حول أثر النظام والفكر الإسلامي على الفكر المسيحي في العصور الوسطى خاصة على توماس أكويناس.
ويعود الفضل لماكدونالد في زيادة عدد الرسائل الجامعية المتعلقة بالإسلام واللغة العربية في الفترة من 1923: 1952. وقام طلابه بترجمة عدد من الكتب الإسلامية والصوفية من العربية بفضل توجيهاته.
 وامتد تأثير ماكدونالد على طلابه بعد أن وافق المعهد على نشر مجلة العالم الإسلامي. حيث أصبح إدوين كلافيرلي محررا لها حتى عام 1948 وكان أحد تلامذة ماكدونالد كما ذكرنا والذي سعى لاتباع نصائحه فيما يتعلق باتجاهه نحو دراسة الإسلام.
 ويعود الفضل لماكدونالد في فتح الباب للدراسات التبشيرية لكي تقترب أكثر من الأديان الأخرى وتطوير فهم الأديان، وهو المنحى الذي اتخذه هارتفورد، وأقام المعهد مركزا لدراسة الإسلام والمسيحية عام 1973 يحمل اسم ماكدونالد، وما زال المركز يستمر في أداء دوره حتى اليوم لفهم الأديان وتعزيز الاحترام والتعاون والحوار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق