الأحد، 17 أكتوبر 2010

إندونيسيا.. «فقراء» الـ (G20) وربع مليار تستحق المحاولة !

إندونيسيا.. «فقراء» الـ (G20) وربع مليار تستحق المحاولة !
 
أيمن قحف ـ جاكرتا
الأحد، 17 أكتوبر 2010م
عندما كانت الطائرة تحط بنا في مطار جاكرتا الدولي كنت أنظر من النافذة إلى المنظر البديع الذي يشبه جنة صغيرة ..
 عدت صبياً في المرحلة الابتدائية أفتح كتاب القراءة لأجد نصاً للمطالعة بدأ على الشكل التالي (.... أما جاوة فقد خلقها الله جنة على الأرض .... إلخ )..
هأنذا أهبط في جاوة وأقول في نفسي : كيف أن نصاً صغيراً لم يبارح ذاكرتي منذ أكثر من ثلاثين عاماً ، ومع ذلك ما نزال نجهل سر التأثير في الآخرين !
بضع كلمات من القلب عن الجمال الذي تهفو إليه النفوس قد تفي بالغرض ...
 إندونيسيا ، بلد شبه مجهول بالنسبة إلينا ، نعرف فقط أنه أكبر بلد مسلم ونذكر أنها أسست مع مصر عبد الناصر و يوغسلافيا تيتو منظمة عدم الانحياز في عام 1955 في باندونغ ..
كما نعرف أنها أكبر بلد يصدر لنا العاملات المنزليات والاندومي..
قبيل مغادرتي دمشق أبدى لي المهندس محمد ناجي عطري رئيس مجلس الوزراء الذي زار أندونيسيا مطلع 2009 تفاؤلاً بمستقبل العلاقات مع هذا البلد ويحتاج الأمر برأيه الكثير من الجهد من الحكومة والقطاع الخاص، كما أن النائب الاقتصادي السيد عبد الله الدردري الذي سيزورها قريباً قال لي عن زيارة وفد مجلس الأعمال السوري الأندونيسي: اذهبوا وسيكون لزيارتكم تأثيراً طيباً يبنى عليه وسيساعد في انجاح زيارتي القريبة ..
 التحضيرات هنا جيدة جداً سواء التي قام بها المجلس ورئيسه السيد أيمن برنجكجي أو التي قام بها رئيس البعثة الدبلوماسية السورية في جاكرتا السيد بسام الخطيب وطاقم السفارة..
صديقي القديم بسام الخطيب يراهن على امكانية تحقيق زيادة كبيرة في التبادل التجاري مع دولة يقارب عدد سكانها الربع مليار نسمة وتصنف بين أكبر عشرين اقتصاداً في العالم بحيث تمثل قيمة مضافة إلى جانب العلاقات السياسية الطيبة، وهو يرى أنه بالامكان تصدير سلع جيدة بأسعار منافسة للسوق السورية ، وهو يرى إمكانيات كبيرة للسلع السورية في سوق كبيرة ومستهلكة جداً .. ويستغرب أن يكون حجم علاقات التعاون الاقتصادي لدولة مثل موريشيوس حوالي ثلاثة أضعاف التبادل مع سورية والذي لا يتجاوز 90 مليون دولار ، وهو يعول كثيراً على دور المجلس المشترك بجانبيه السوري والاندونيسي في رفع السقف ليكون في مصلحة البلدين .
 أما رئيس مجلس الأعمال أيمن برنجكجي فيرى أن إندونيسيا ليست مجرد عاملات منزليات واندومي بل هي عالم متنوع وسوق كبير من المنتجات وفرص التصدير والاستيراد و الاستهلاك ، وهي في كثير من السلع تنافس البضائع الصينية وسوقها الكبير أسهل للدخول من سوق الصين ، وعندما تنجح في فتح أسواقها فهي وحدها تعادل معظم السوق العربية أو الأوروبية وبالتالي فالأمر يستحق العناء..
قد يقول قائل: ما مصلحتنا في بلد معظم شعبه من الفقراء ذوي الدخل المحدود؟
 سؤال قد يبدو محقاً ولكن حتى ذوي الدخل المحدود يأكلون ويلبسون ، والأهم من ذلك أنه يوجد من الأغنياء والميسورين أكثر من عدد سكان سورية تقريباً وترى في جاكرتا ناطحات السحاب بجوار الأحياء الشعبية التي تشبه حي الـ(86 أو عش الورور ) ، وترى “الطريزينة“ الهندية بجوار مرسيدس وبي إم موديل 2011 ، ومعظمها ينتج في اندونيسيا .
الميزة هنا أنك تتعامل مع شعب مسلم يحب العرب والمسلمين، ونسبة كبيرة منهم من أصول عربية حضرمية ،وكثيرون يجيدون العربية ،و كان الاستقبال ودياً للغاية وهي مقدمة مبشرة لعلاقات جديدة ومتنامية ..
 تعد إندونيسيا رابع أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، لوجود 230 مليون نسمة فيها، وتضم أكبر عدد من المسلمين، مقارنة مع أي بلد في العالم، كما أنها أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا، وتتكون إندونيسيا من 17.500 جزيرة في المحيط الهادئ.
 وفي بداية هذا العام وجه رئيس أكبر دول العالم الإسلامي سوسيليو بامبانغ يودويونو نداء لجذب المستثمرين مستخدما شعار (أطعم إندونيسيا ثم من بعد ذلك العالم)
 وعقب النداء الصادر عن الرئيس( يودويونو) أعلنت الحكومة الاندونيسية عن خطط لزيادة وتيرة تطوير مساحات زراعية شاسعة في مقاطعات نائية مثل بورنيو وبابوا.
 وهذا يأتي من الطموح الاندونيسي لاقتفاء خطى دول أخرى سبقتها في نهضة اقتصادية حديثة كالبرازيل،أما الهدف من ذلك فهو لكي تصبح واحدة من أكبر منتجي الغذاء في العالم خلال العقدين المقبلين من خلال حث مستثمرين أجانب ومحليين على الاستثمار في مناطق تضم مساحات كبيرة من الأراضي الصالحة للزراعة.
يقول رانجان بادوري العضو المنتدب ورئيس الأبحاث في ألفا ميتريكس للاستثمارات البديلة عن أداء الاقتصاد في أندونيسيا ومعدلات نموه : (تتعرض الاقتصادات في جميع أنحاء العالم لتوقف النمو أو تعرضه للانكماش في أعقاب الأزمة المالية العالمية الأخيرة، بيد أن إندونيسيا تشهد نمواً اقتصادياً مضطرداً، وخلال الفترة من العام 2007 وحتى العام 2009، نما الناتج المحلي الإجمالي في إندونيسيا بنسبة 6.3 و6.1 و4.5 بالمئة على التوالي، ولم يظهر النمو في المنطقة أي علامات تدل على احتمال حدوث تباطؤ في المستقبل القريب، بل من المتوقع أن يصل معدل النمو إلى 6 بالمئة تقريباً في العام الجاري 2010، ووسط الاهتمام المتزايد إزاء القوة العاملة وقاعدة المستهلكين في إندونيسيا، فقد باتت هذه الدولة تمثل جزءاً من موجة جديدة في الأسواق الناشئة التي تتجه بسرعة نحو منظومة دول «بريك» التي تضم البرازيل، وروسيا، والهند، والصين).
أما عن عوامل القوة في هذا الاقتصاد الآســـيوي القـــادم إلى العــالمية يرى بادوري:
وخلال السنوات الخمس الماضية، لعبت عوامل كثيرة مثل عدد السكان الكبير، والنمو الاقتصادي، وانخفاض تكاليف العمالة، دوراً مهماً في اجتذاب الشركات الأجنبية للعمل في هذا البلد، وتتمتع إندونيسيا بأدنى مستوى من الكلفة للعمالة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، الأمر الذي يجذب الشركات الأجنبية التي تتطلع إلى توسعة أنشطتها التصنيعية، ووفق دراسة نشرتها مؤسسة «جاكرتا غلوب»، فقد تبين أن الاستثمارات الأجنبية في إندونيسيا خلال النصف الأول من العام 2010 قد ارتفعت بنسبة 50 بالمئة تقريباً، مقارنة بالعام 2009، كما تجاوزت مستويات الاستثمار الأجنبي بشكل ملحوظ المستويات التي كانت قبل الأزمة المالية، حيث بلغت 7.8 مليار دولار خلال النصف الأول من هذا العام، مقارنة بـ6.5 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام 2008، وتتوقع إندونيسيا أيضاً استمرار النمو في حجم وقدرة الطبقة الوسطى على تحقيق الدخل، لاسيما وأن هذه الطبقة تتكون حالياً من 35 مليوناً إندونيسياً، وقد أعلنت شركة «نيسان» عن خطط لمضاعفة طاقتها الإنتاجية ومبيعاتها في إندونيسيا إلى أربعة أضعاف بحلول العام 2013.
ويمكن أن يعزى النمو المضطرد في إندونيسيا في جانب منه إلى الاستهلاك الداخلي القوي، حيث يعتمد ثلثا اقتصاد البلاد تقريباً على الاستهلاك المحلي، وفي الوقت الذي تعتمد فيه اقتصادات الدول الأخرى على الصادرات والاستهلاك الأجنبي إلى مستوى عال، فقد ساعدت قاعدة المستهلكين القوية في إندونيسيا على وقاية اقتصادها من الأزمة المالية العالمية.
 
أيمن قحف ـ جاكرتا
بورصات وأسواق


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق