الأحد، 24 أكتوبر 2010

كيف نحمي لغتنا العربية من التشويه ؟!

حضرت في منتصف شهر يوليو 2010 م بعض جلسات الدورة 25 من موسم أصيلة الثقافي، في جامعة المعتمد بن عباد الصيفية في المملكة المغربية الشقيقة، وكان ضيف الشرف فيه دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث عرضت ألوانا من فنونها الشعبية وأعمال فنانيها التشكيلية والموسيقى، ومعرضا للكتاب العربي الإماراتي .
وإلى جانب ذلك نظمت جلسات وندوات ثقافية تناقش الكثير من القضايا والهموم الثقافية منها: ندوة (حوار الثقافات العربية : الواقع والتطلعات) و (جائزة محمد زفزاف للرواية العربية) وندوة (محمد عابد الجابري .. العقل المفقود) وندوة (الدبلوماسية والثقافة) وندوة (الموسيقى في عالم الإسلام) وندوة (الطيب صالح في الذاكرة) وغيرها.
وقد ترأس الجلسات محمد بن عيسى أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، إلى جانب حضور عدد كبير من أدباء ومفكري الوطن العربي الكبير وغيرهم من المستشرقين، وقد لاحظت تغيب عدد من أبناء المملكة المدعوين والموجودة أسماؤهم في دليل الدورة. السعوديون ليسوا وحدهم من تخلف عن الحضور، ولكن هناك أعدادا كبيرة لم تحضر مثل: عبد العزيز المقالح من اليمن، وخلدون النقيب ومحمد الرميحي من الكويت، وحبيب الصايغ من الإمارات، والطيب تزيني من سوريا، وغيرهم
كثيرون.
كان نقاش المنتدين ــ في إحدى الندوات ــ يدور حول أهمية اللغة العربية ومكانتها والمحافظة عليها من الغزو الغربي ومن التشويه ومحاربة التسميات باللغات الأخرى وغيرها. وكنت مع غيري فرحين بما يناقش وبالحماس والاتفاق على رفع توصيات للمسؤولين بالمحافظة على الهوية القومية ممثلة في لغة الضاد.. ولكن ما أن تخرج من القاعة حتى تفاجأ بالنشرات المنشورة في مداخل القاعات وكلها بلغات أجنبية، أغلبها فرنسي، وكأن ما يناقش لا يعني منظمي هذه الملتقيات.
وخرجت وكلي أسف وأسى على مصير لغتنا العربية وقد خفف من أساي ما قرأته في صحف اليوم التالي ومنها جريدة (الصباح) المغربية، وهي تحمل العناوين التالية:
اللقاء التحضيري للقمة الثقافية يصدر توصياته في بيروت، دعا وسائل الإعلام إلى توسيع استخدام اللغة العربية الفصحى:
أوصى اللقاء التحضيري الأول للقمة الثقافية العربية الذي احتضنته العاصمة اللبنانية في بيروت يومي 13 و 14 يوليو الجاري في ختام أعماله، بوضع الخطط الكفيلة واتخاذ القرارات اللازمة بهدف تشخيص أوضاع اللغة العربية بتعيين المشكلات ونقاط الضعف التي تعانيها وتحديد أسبابها، والتعرف على التحديات التي تواجهها وتوفير معلومات وإحصاءات تتيح التعرف على أوضاع اللغة العربية على صعيد كل بلد عربي على حدة، وعلى صعيد العالم العربي كله.
واسترسلت (الجريدة) في تفاصيل الموضوع قائلة: يأتي لقاء بيروت في إطار التحضير للقمة الثقافية العربية التي دعا إلى عقدها إعلان (سرت)، وإعمالا لما تقرر في الاجتماع التشاوري الذي دعت إليه جامعة الدول العربية في القاهرة في 24 يناير الماضي من أن يعهد إلى مؤسسة الفكر العربي والمنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة (الكسو) بتنظيم لقاءات تحضيرية تمهيدا للقمة العربية تحت مظلة جامعة الدول العربية.
وشارك في اللقاء المهم ممثلون عن مؤسسات ثقافية رسمية وجمعيات أهلية ثقافية واتحاد الكتاب والأدباء العرب واتحاد الناشرين العرب وأعضاء مجامع لغوية عربية، والهيئات العربية للمسرح، ومعاهد للترجمة ومراكز دراسات وأبحاث عربية .. إلخ.
وفي ختام اللقاء دعا الجميع إلى تخصيص ملف للغة العربية في التقرير السنوي الذي تعده مؤسسة الفكر العربي، ودعوة كل المؤسسات العربية لأن تكون مؤتمراتها باللغة العربية، كما أوصى اللقاء بإنشاء مجلس أعلى للغة العربية يرتبط مباشرة بالقمة العربية يتولى دراسة أوضاع اللغة العربية.
وحث اللقاء على اعتماد اللغة العربية لغة التدريس والبيئة التعليمية والبحث العلمي في جميع مراحل التعليم، وأهاب اللقاء بوسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية بتعزيز العلاقة بين اللغة والهوية، بالإضافة إلى التأكيد على توسيع نطاق استخدام اللغة العربية الفصحى في وسائل الإعلام، وتشجيع إنتاج المواد والبرامج الإعلامية باللغة العربية الفصحى، إضافة إلى ضرورة تشكيل هيئة عربية مرجعية عليا خاصة بتنمية ثقافة الطفل .. إلخ.
لقد استبشرت بما قرأت وحلمت وأملت بأن مؤتمر القمة العربي القادم سيخصص لهذا الموضوع وسيصدر قرارات إلزامية باعتماد هذه التوصيات، خصوصا وقد كثر انتقاد استعمال اللغات الأخرى بشكل فاضح، فنجد الأستاذ يوسف الكويليت يخصص افتتاحية جريدة الرياض في الأول من شهر أغسطس 2010 م لهذا الموضوع نختار منه: في الخليج العربي لا تستطيع أن تأكل في مطعم أو تتفاهم مع عاملين في الفندق أو البائع في الشارع إلا إذا استعنت بمترجم أو قاموس أكسفورد..
لست من دعاة أن نتكلم بلغة المعاجم والقواميس .. وإنما اللغة المشتركة التي عرفت بالمخففة أو لغة الثقافة الحديثة والصحافة لا أن نضيع في غربة الأجنبي أو العامي.
أعرف أن هناك من سينعتني بالمتخلف الذي يتجاهل تداخل المفاهيم
والثقافات، وأرد عليه أن كل الشعوب تحترم لغاتها وتفرضها..
كما أن الكاتب عبد الله الجعيثن قد شارك في جريدة الرياض أيضا بتاريخ 5 أغسطس 2010 م تحت عنوان : لماذا تكتب بنوكنا توصياتها بالإنجليزية .. فالمملكة هي مهد العروبة ومهبط الوحي.. فلماذا يتم تجاهل لغة القرآن الكريم.. إن اللغة جزء لا يتجزأ من هوية الأمة وشخصيتها.. إن أية محاولة لطمس الهوية وسحق شخصية الأمة وثقافتها وتراثها أمر خطير العواقب.
ونذكر أن شيراك ــ إبان رئاسته لفرنسا ــ قد غادر قاعة اجتماع القمة الأوروبية غاضبا إثر سماعه مواطنه الفرنسي رئيس لوبي الأعمال الأوروبي، يلقي كلمته بالإنجليزية، وذلك اعتزازا بلغته التي يراها جزءا لا يتجزأ من كرامته الشخصية.
ولهذا نجد الكثيرين ــ مع الأسف ــ من أبنائنا من يهجر لغته العربية في المؤتمرات والندوات وغيرها ويتباهى بالرطن بلغة أجنبية في المحافل الدولية والمحلية.
وختاما فما زال أملنا في المسؤولين كبيرا فقد استبشرنا بما قرأناه في «عكاظ» يوم الأحد 2/11/1431هـ من أن سمو الأمير الأديب خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة قد أمهل المحافظين والأمناء ورؤساء المراكز والبلديات في كافة مدن المنطقة ستة أشهر لتعريب كافة أسماء المحال التجارية والقاعات والشوارع واستبعاد كافة الأسماء الأجنبية في منطقة مكة المكرمة في قرار حاسم.
فشكرا لسموه الكريم ورجاء وأمل أن نرى ذلك مطبقا في بقية المناطق وأن يتبع ذلك بأوامر صارمة لبقية المتعاملين في مخاطباتهم بلغات أخرى كالبنوك والشركات وغيرها.
abo-yarob.kashami@hotmail.com
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق