الأحد، 7 نوفمبر 2010

«الإمبراطور» ميشيل برمجياني يهدي العالم الإسلامي أول ساعة تعمل وفق التقويم الهجري

ميشيل برمجياني يكشف عن الساعة في أبوظبي بحضور يوسف خوري (وسط) ومحمد حارب (يمين) وبلال الخالد


تحفة ثمينة كُشف عنها في أبوظبي

 تاريخ النشر: الأحد 07 نوفمبر 2010
أحمد السعداوي
عندما تكون النشأة في سويسرا، البلد الأول في صناعة الساعات عالمياً، لابد وأن يكون هناك تأثيراً على كل ذي موهبة وطموح، وهو الحال الذي كان عليه ميشيل برمجياني «إمبراطور الساعات في العالم»، والذي توج إنجازاته بإطلاقه أول ساعة من نوعها في العالم تعمل بالتقويم الهجري. وتم الإعلان عن هذا الإنجاز العلمي الفريد من نوعه في أبوظبي الأسبوع الماضي، وسط احتفالية كبرى شهدتها أحد فنادق العاصمة. وجود ميشيل برمجياني في سويسرا جعله مولعا بالساعات، خاصة وأن البيئة المحيطة دعمت هذا الاهتمام لديه، فضلاً عن والده الذي مثل له الأب والمرشد في آن، حيث زرع فيه حب المعرفة، وضرورة معرفة معنى الشيء عند النظر إليه، وليس مجرد الوقوف على المظهر الخارجي له، ما جعله يهتم بعالم الساعات بدقة ومعرفة الأشياء خلف الوقت. ولفت إلى أن حبه للمقتنيات والتحف الفنية من أبرز العوامل التي دفعته لإنجاز أعمال قيّمة وفريدة ومنها تلك الساعة المهداة إلى العالم الإسلامي.
عن بداية فكرة الساعة الإسلامية الجديدة، قال برمجياني لـ »الاتحاد» إنها ولدت للمرة الأولى عام 1984، حين تمكن من ابتكار ساعة جيب تعمل بالتقويم الهجري غير أنها كانت تتطلب إعادة ضبطها يدوياً وتغيير الوقت مرة كل شهر، وبعد ذلك تجمد المشروع لأسباب عديدة وتم إخضاعه للمزيد من الأبحاث والدراسات، ومنذ خمس سنوات تقريباً تم تكثيف العمل للانتهاء من المشروع، وطرح ساعة بالتقويم الهجري لأول مرة في العالم. وهذه الأبحاث كانت فرصة للتعرف على كل من الثقافة والتاريخ الإسلامي والتعلق بهما، وآنذاك، قال برمجياني «شعرت بالحاجة إلى إيجاد ساعة ميكانيكية دقيقة تعمل وفقاً للتقويم الإسلامي، وتبلورت إلى ابتكار ساعة حائط تعمل بشكل متواصل دون الحاجة إلى إعادة ضبطها يدوياً».
وأضاف، عندما درست حضارة البابليين والفاطميين والفراعنة، وجدت ارتباطهم بالقمر ويحسبون الوقت بطريقة دقيقة جداً، ولذا اعتمدت في ميكانيكا الساعة على التكنيك الدقيق للتوقيت القمري، المعروف بدقته. أما في عام 2007، فقد أصبح برمجياني جزء ًمن الخطة العربية والإسلامية نتيجة الاتفاق بين مجموعة دول عربية وإسلامية من أجل عمل تقويم واحد للأمة العربية والإسلامية، وبدأ يدرس أكثر عن أهمية السنة الهجرية وارتباطها بالعالم الإسلامي، وبالتالي بدأ يدري علم الفلك للتعرف على الدورة القمرية وكيف تسير.
الأهلة والعبادة
في هذا السياق، أكد برمجياني حبه الشديد لقراءة الأحداث التاريخية الإسلامية، وتتبع التقويم الهجري بالتاريخ الإسلامي. وقرأ على مدار أكثر من 15 عاماً ترجمات الكتب الإسلامية التي أشارت إلى أن العرب كانوا قبل الإسلام يستخدمون التقويم القمري ويتعاملون مع الأشهر القمرية ويؤرخون بأبرز الأحداث، وهكذا كان الأمر في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) وعهد أبي بكر الصديق، وقد أرشد الله تعالى المؤمنين في كتابة الكريم إلى الاعتماد على الأهلة في عباداتهم وأمورهم، فكان المسلمون يعتمدون على الأهلة في أمور عباداتهم وأحوالهم، ويؤرخون لأبرز الأحداث كعام الفيل ونحوه ولما كانت خلافة عمر بن الخطاب، كتب إليه أبو موسى الأشعري أنه «يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ»؛ فجمع عمر الصحابة واستشارهم واستقر الرأي على أن يكون ابتداء التاريخ الإسلامي من هجرة المصطفى (صلى الله عليه وسلم) لكونها من أعظم الأحداث الإسلامية فقد فرق الله بها بين الحق والباطل وأصبح للمسلمين بعدها دولة وقوة وجعلوا ابتداء التاريخ الإسلامي من هجرة النبي.
ويعد هذا الاختراع، وفقه، ركيزة تطور فهم تقويم هجري عالمي علمي نموذجي. وتستطيع ساعة برمجياني التي تحمل علامة جودة الصنع السويسرية الاحتفاظ بالطاقة لمدة 30 يوماً.
حركة القمر
أوضح برمجياني أنه ينبغي أن نعلم أن التاريخ الميلادي مرتبط بحركة الشمس، أما التاريخ الهجري فمرتبط بحركة القمر، ولذلك فإن فصول السنة من شتاء وصيف وربيع وخريف تكون ثابتة بالنسبة للتاريخ الميلادي، أو متغيرة بالنسبة للتاريخ الهجري، ولذلك فإنه من الحكمة ربط أمور العبادة بالتاريخ القمري، والتاريخ الهجري يتميز بأنه يعتمد على الأهلة وهي علامات محسوسة ظاهرة لكل أحد يعرف بها دخول الشهر وخروجه فمتى شوهد الهلال أول الليل دخل الشهر الجديد وخرج الشهر السابق، أما الأشهر الميلادية فهي وإن كان مجموعها يشكل السنة الشمسية إلا أن التفاوت فيما بينها خضع لشيء من التغيير والتبديل فقد كانت الأشهر اثني عشر شهراً شمسياً، الفردي منها واحد وثلاثون والزوجي ثلاثون إلا الشهر الثاني «فبراير» فكان ثمانية وعشرين إلا في السنة الكبيسة فيصبح تسعة وعشرين.
وأضاف «يستطيع الإنسان بإلقاء نظرة على القمر أن يعرف هل هو في أول الشهر أو وسطه أو آخره، بينما لا يمكن ذلك في الشهر الميلادي لكونه مرتبطاً بحركة الشمس»، ويعد التمسك بالتاريخ الهجري من أهم الأمور، فالتمسك به يعني التمسك بالشخصية الإسلامية ويعني كذلك حفظ الهوية التاريخية للأمة الإسلامية فجميع الأحداث الإسلامية قد دونت بالتاريخ الهجري كما أوصى العلماء والدعاة إلى الله بربط الناس بالتاريخ الهجري الذي يمثل شعار الأمة الإسلامية ورمز مجدها.
آلية العمل
أما عن الكيفية التي يتم بها العمل داخل هذه الساعة الفريدة، بيّن برمجياني أنها تحتسب السنة الهجرية بشكل دقيق على مدار ثلاثين عاماً، دونما أي أخطاء، وبعد 120 عاماً قد يحدث اختلاف مقداره يوم واحد، وحينئذ تحتاج إلى إعادة الضبط يدوياً، أي أن التدخل سيتم مرة كل 120 سنة.
وآلية العمل يتم احتسابها ليكون الشهر الهجري تبعاً لما قاله برمجياني كالتالي: «29 يوما و12 ساعة و44 دقيقة و2.8 ثانية»، لافتا إلى أنه توصل إليها بعد دراسات رياضية وفلكية عديدة ومعقدة، وربطها بالدورة القمرية. وعلى هذه ستسير الساعة الجديدة بدقة متناهية لمدة ثلاثين عاماً آلياً اعتماداً على الدورة القمرية.
وحول دور هذه الساعة في حل الخلاف بين الدول الإسلامية في بدايات الشهور الهجرية، نفى برمجياني حدوث ذلك، مبيناً أنها إنجاز علمي وليس ديني وإن كان يخدم الدول الإسلامية، ويمكنهم من استخدام التوقيت المعتمد على حسابات الدورة القمرية بشكل علمي ودقيق، ويؤدي إلى ظهور ما يعرف بـ «التوقيت الإسلامي»
وأضاف برمجياني أنه «تم تصنيعها بالكامل في المختبرات العلمية لدى مصانعه لتعرض الميناء الساعات والدقائق والتاريخ بأرقام عربية واليوم والشهر بالخط العربي والسنوات الكبيسة بأرقام عربية والسنوات البسيطة في شكل مؤشرات، كما تعرض مراحل طور الدقة ومخزون الطاقة، كما تم تصنيع هيكل العلبة وكذلك القاعدة من الفضة الصلبة مع تفاصيل زخرفية من الزجاج البركاني أسود اللون والكوارتز والياقوت لمؤشر مخزون الطاقة».
اختيار أبوظبي
أكد ميشيل برمجياني أن اختياره لأبوظبي مكاناً للكشف عن هذه الإضافة الجديدة والدقيقة في عالم الساعات، يرجع إلى اهتمام ودعم وزارة الثقافة في أبوظبي وتشجيعها لكافة الأعمال المتميزة والتي تخدم الثقافة العربية والإسلامية وتسعى إلى تكريس التراث والهوية العربية الإسلامية.
سلع الرفاهية
وعن توزيعها على نطاق تجاري، قال ميشيل برمجياني إن الساعة تندرج تحت بند سلع الرفاهية والتحف الثمينة ويبلغ سعرها اثنان ونصف مليون دولار (تسعة ونصف مليون درهم إماراتي)، غير أنه من الممكن مستقبلاً عمل نماذج مصغرة منها والعمل على نشرها على نطاق أوسع، مؤكدا أنه أراد أن يترك إرثاً في عالم الساعات الفاخرة لتظل باقية في ذاكرة التاريخ.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق