الأربعاء، 1 يونيو 2011

عبد الرحمن فاخر

نموذج مثالي للسفير المسلم


* أحمد على سليمان
  


السفير الاندونيسي أحمد فاخر الثاني من اليمين

تشرفت بمعرفة الأخ السفير عبد الرحمن محمد فاخر عن قرب منذ بداية عمله سفيرا لجمهورية إندونيسيا في القاهرة.

 وذلك في النصف الثاني من عام 2007م، ومنذ ذلك الحين ونحن نُكِنُّ له كل احترام وتقدير؛ لجهوده المتواصلة في دعم العلاقات بين البلدين.

يتميز السفير عبد الرحمن فاخر بالأخلاق الرفيعة والقيم الإسلامية النبيلة التي تربي عليها في أسرته العريقة، وتربي عليها أيضا في أحد أهم وأعرق المؤسسات التربوية الإسلامية في إندونيسيا وفي جنوب شرق آسيا.

 وهو معهد دار السلام كونتور للتربية الإسلامية الحديثة –بفروعه الكثيرة- والتي تشرفتُ بكتابة رسالتي للماجستير عنه، هذا المعهد الذي يسهم في تخريج أشخاص يتحلون بالأخلاق الكريمة ويتمتعون بالجسم السليم والثقافة الواسعة والأفكار المنفتحة.

 ويعمل على تكوين الشخصية المسلمة العصرية المتميزة والقادرة على خدمة الدين والوطن، ولديها الإحساس بالمسئولية الاجتماعية، ويُمكن الطلاب من العلوم الإسلامية واللغة العربية والعلوم العامة.

 ويحمي العقيدة الإسلامية ويمكن أيضا للقيم الإسلامية التي غابت عن مجتمعاتنا، ويُعدّ الخريجين للحياة بمعناها الشامل من خلال تزويدهم بالمهارات الحياتية المختلفة التي تكفل لهم النجاح في الحياة المستقبلية.

وبفكره النير وانطلاقا من ولائه لربه ولوطنه وغيرته الدينية، وإيمانه الكامل بالمسئولية الملقاة على عاتقه، وعلى عاتق أبناء إندونيسيا الدارسين في الأزهر الشريف.

 وفي ظل الشكوى المتكررة في أوساط إندونيسيا (الرسمية والشعبية) من رسوب الكثيرمن أبنائهم الدارسين وعدم قدرة الكثير منهم على مواصلة التعليم في مصر الأزهر - وكان هذا تحدٍ كبير أمام الرجل يضاف إلى أعبائه الأخرى كسفير لأكبر دولة مسلمة في العالم في بلد بحجم مصر- تحرك السيد فاخر وبفاعلية في عدة اتجاهات، للقضاء على هذه الظاهرة.

 حيث اعتبر هذه القضية - قضية اتقان الإندونيسين التعليم الديني في الأزهر الشريف - قضية هُوية، وقضية قومية، وعقد عشرات الاجتماعات مع المسئولين والمفكرين والباحثين وغيرهم؛ لدراسة هذه القضايا، تشرفتُ بحضور الكثير منها.

 واستمعت إلى فكره ومنهجه ورؤيته الواضحة لمواجهة التحديات الكثيرة التي تواجه العقيدة الإسلامية في بلاده وترتبط بالتغريب... إلخ، وقام بالتعاون مع الإمام الأكبر بإنشاء مراكز لتعليم اللغة العربية لأبناء بلاده.

 وبث في نفوس الطلاب أن تعلم اللغة العربية وإتقانها مقصد عقائدي، لفهم الإسلام فهما عميقا ونشره وتوضيح حقائقه وتعاليمه بصورة علمية منهجية، وبالتالي انتقل بهم نقلة نوعية.



احمد سليمان

 فأقبل الطلاب على التعلم بحماسة ونشاط واتفق أيضا مع المؤسسة الأزهرية على متابعة حضور طلاب بلاده للمحاضرات والدروس في الجامعة، وعدم التهاون في ذلك، وتابع هذه الأمور بنفسه على مدار الفترة الماضية.

 مما أسهم في القضاء على ظاهرة الرسوب والتسرب جملة وتفصيلا، و ادت جهوده إلي حصول العشرات من أبناء بلاده -في العام التالي مباشرة لمجيئه إلى مصر- على تقديرات (ممتاز، وجيد جدا).

 وارتفع العدد كثيرا في الأعوام التالية، وبالتالي انتقل بالطلاب نقلة نوعية، من مجرد التعلم والحصول على الشهادة العالية، إلى تحويل التعلم والبراعة فيه إلى مقصد عقائدي ووطني.

كما تحرك السفير في مصر شرقا وغربا وفي اتجاهات متعددة، واضعًا المستقبل نصب عينيه، ليبرم اتفاقيات تعاون عملية وحقيقية ومُفعلة مع جهات كثيرة، ومع جامعات متنوعة مثل: جامعة الزقازيق، وجامعة قناة السويس.. وغيرها.

 ويؤسس أيضًا لتعليم لغة بلاده في بعض الجامعات المصرية، ليدعم فكرة التلاقي الإسلامي البيني، بين البلدين بصورة أكبر وأعمق، خصوصًا وأن مصر كانت أول دولة اعترفت باستقلال إندونيسيا عن هولندا عام 1945م، ووقعت مع إندونيسيا معاهدة صداقة فى 10 يونيو 1947م.

وحاول السيد السفير فاخر أن ينقل التجربة الإندونيسية في التنمية البشرية والتنمية الاقتصادية، إلى مصر من خلال اتفاقيات التعاون والأنشطة التي عقدها في السنوات الماضية، تلك التجربة التي أسهمت في نقل بلاده -رغم عدد سكانها الكبير- إلى آفاق التقدم.

ولن ينس التاريخ للسيد فاخر جهوده في دعم العلاقات الإندونيسية المصرية التي تتسم بالخصوبة وبدفء الأخوة، وبالديناميكية وبالتنوع، لتشمل المجالات: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والطبية، والسياحية، والثقافية، والشئون الدينية .مما يعزز عمق العلاقات بين البلدين..

ولن ينس أيضا الأجيال القادمة من الطلاب الدارسين بالأزهر الشريف من شتى الدول جهوده وجهود بلاده في إنشاء عمارات سكنية لهم في مدن البعوث بالأزهر... 
 
وإنني إذ أسطر هذه الكلمات - بمناسبة توديع أخينا السفير عبد الرحمن فاخر سفير إندونيسيا في القاهرة، هذا الرجل الذي يتميز بدماثة الأخلاق، والنشاط الكبير، والحيوية، والحرص الشديد على التفاعل مع مصر الأزهر.

 أدعو الله له بمزيد من النجاح والتوفيق، في مشواره العلمي والعملي والدبلوماسي في المراحل القادمة من حياته المستقبلية..

وبالله تعالى التوفيق.


*كاتب وإعلامي – عضو اتحاد المؤرخين العرب
المدير التنفيذي لرابطة الجامعات الإسلامية


تاريخ التحديث :-
توقيت جرينتش :       الثلاثاء , 31 - 5 - 2011 الساعة : 7:31 مساءً
توقيت مكة المكرمة :  الثلاثاء , 31 - 5 - 2011 الساعة : 10:31 مساءً

المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق