2012-07-16
الدكتور كانغ ديه تشانغ من المعهد الكوري للسياسات الاقتصادية الدولية :
إندونيسيا بلد مهم ، فهي رابع أكبر دولة من حيث عدد السكان على مستوى العالم ، وقد ظلت تتمتع بمعدلات نمو ثابتة تبلغ في المتوسط حوالي 6%. أسعار السلع الاستهلاكية في إندونيسية مستقرة جدا مقارنة مع الدول المتطورة اقتصاديا ، والتي بدأت تعاني من حالات انكماش اقتصادي ، أو الدول النامية التي تتعرض لزيادة التضخم وتدني في النمو. هكذا فإن إندونيسيا سوق كبيرة ومستقرة ومجزية. سر التطور الاقتصادي الإندونيسي لا يكمن فقط في امتلاكها كثافة سكانية عالية ، ولكن لأنها كثافة عالية وشابة في نفس الوقت مما يضمن لها مستقبلا زاهرا. السياسات الاقتصادية الإندونيسية موجهة في الوقت الحالي للقاعدة الاستهلاكية الداخلية الكبيرة ولا تستهدف الصادرات في المقام الأول ، وهو ما يمثل ميزة جيدة جدا لدولة مصدّرة مثل كوريا الجنوبية تبحث عن مزيد من الأسواق الخارجية النشطة.
بعدد بسكانها الذي يزيد عن 240 مليون نسمة ، وبمواردها الطبيعية الوافرة ، ظلت إندونيسيا في حالة نمو وتطور مستمر خلال السنوات الأخيرة. وقد أقامت روابط دبلوماسية مع كوريا الجنوبية في عام 1973 ، ثم تطورت علاقاتها مع كوريا حتى صارت الشريك التجاري العاشر لها. فما هي الآثار التي يمكن أن تقدمها اتفاقية المشاركة الاقتصادية الشاملة للبلدين ، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن لدى كوريا اتفاقية للتجارة الحرة مع مجموعة "آسيان" التي تضم إندونيسيا في عضويتها؟
الدكتور كانغ ديه تشانغ من المعهد الكوري للسياسات الاقتصادية الدولية :
اتفاقية المشاركة الشاملة بين كوريا وإندونيسيا ستعزز اتفاقية التجارة الحرة القائمة فعلا بين كوريا و"آسيان" . سوف تتضمن اتفاقية المشاركة الشاملة العديد من التفاصيل والحيثيات وسوف تتعامل مع بعض القضايا والمسائل الحساسة التي لم تتناولها اتفاقية آسيان بشكل شامل أو لم تتعرض لها بشكل تفصيلي . السوق الإندونيسية هي السوق الأكثر جاذبية في كل منطقة جنوب شرق آسيا، والشركات الكورية الجنوبية ظلت تضع هذه السوق نصب عينيها منذ وقت ليس بالقصير. والتوصل لاتفاق مباشر بين البلدين سيؤدي إلى المزيد من النجاح التجاري والاستثماري لكوريا وإلى المزيد من الاستقرار للاقتصاد الإندونيسي.
يقدر عدد الشركات الكورية التي تقوم بتنفيذ مشروعات في إندونيسيا بحوالي 1500 شركة. تمتلك الشركات الكورية ، خاصة الكبرى منها مثل سام سونغ وإل جي ، سمعة متميزة هناك . وتستوعب الشركات الكورية في إندونيسيا نحو 800 ألف عامل إندونيسي مما يجعل منها مصدر عمالة جيد. بالتالي فإن الوجود الكوري الجنوبي الحالي في إندونيسيا يمكن أن يوصف بأنه متميز. وفي المقابل تستورد كوريا جزءا مهما من حاجتها من الغاز والموارد الطبيعية الأخرى من إندونيسيا .
الدكتور كانغ ديه تشانغ من المعهد الكوري للسياسات الاقتصادية الدولية :
العلاقة الراهنة بين كوريا الجنوبية وإندونيسيا هي علاقة تكاملية الطابع. إندونيسيا دولة غنية بالموارد الطبيعية الخام لكنها تفتقر للقاعدة الصناعية الصلبة. وهي دولة مصدرة للموارد الطبيعية ومستوردة للسلع الصناعية ، وهو وضع مثالي بالنسبة لدولة مثل كوريا. وبعد توقيع اتفاقية المشاركة الشاملة التي يجري بحثها الآن سيبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خمسين مليار دولار في 2015 بدلا من 30 مليارا كما هو الآن. من المتوقع كذلك أن يتضاعف حجم التبادل إلى مائة مليار بحلول عام 2020. وحسب دراسة كورية إندونيسية مشتركة فإن رفع الجمارك عن بعض المنتجات المتبادلة بين البلدين سينعكس إيجابيا على اقتصاد البلدين وسيعزز من رفاهية الشعبين.
كان الجانبان قد اتفقا في عام 2011 على إعداد دراسة مشتركة عن الآثار المترتبة على توقيع اتفاقية مشاركة شاملة بينهما. وبعد ثلاثة اجتماعات اتفق البلدان على بدء المحادثات الرامية للتوصل إلى الاتفاقية ، وهي التي بدأت يوم الثلاثاء الماضي في جاكرتا. وهناك كثير من المؤشرات التي تبشر بنجاح الاتفاقية ، فمتى يمكن أن يبدأ البلدان في جني ثمارها؟
الدكتور كانغ ديه تشانغ من المعهد الكوري للسياسات الاقتصادية الدولية :
لا أعتقد إن جني الثمار سوف يستغرق وقتا طويلا. كوريا الجنوبية من جانبها متحمسة للتوصل لاتفاق مشاركة شاملة مع إندونيسيا ، وهي تعتبره امتدادا لاتفاقيات التجارة الحرة الناجحة التي تم التوصل لها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. الاتفاق مع إندونيسيا لن يكون تجربة جديدة ، فلكوريا علاقات مقننة فعلا مع إندونيسيا في إطار اتفاقية التجارة الحرة بين كوريا الجنوبية ومجموعة آسيان. لهذا السبب فإن التوصل لاتفاق مشاركة لن يكون أمرا شاقا لأن القاعدة موجودة أصلا. أتوقع أن جولات التفاوض سوف تقتصر على جولتين أو ثلاث أو ربما خمس جولات على الأكثر. أما المصادقة البرلمانية فلن تمثل أي مشكلة للبلدين ، حيث إن الاتفاق لن يشمل أي مسائل خلافية شائكة من وجهة نظري.
وتخطط الحكومة الإندونيسية لبذل جهود ضخمة من أجل تحسين بنياتها التحتية والرئيسية ليساعدها ذلك في تحقيق هدفها وهو جعل إندونيسيا سابع أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2050. ومن ثم فإن إسراع كوريا للتوصل لاتفاق مشاركة اقتصادية مع إندونيسيا سيساعدها على الفوز بمكانة قوية في السوق الإندونيسية الضخمة القادمة .
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق