First Published 2010-09-05
بقلم: يحيى أبوزكريا
بقلم: يحيى أبوزكريا
سنة وشيعة يدّعون، كل بمفرداته، الانتماء الى تراث الصحابة والسلف الصالح وآل البيت لكنهم لا يكتفون بالابتعاد عن اخلاق الاسلام بل يشعلون حربا تكفيرية تهدد الدين كله.
ميدل ايست اونلاين
بلغت حدة الصراع المذهبي في العالم الإسلامي ذروتها في ظل إخفاق كل المشاريع التقريبية وتراجع الدعوات إلى الوحدة الإسلامية، وبات لكل فريق طائفي إعلامه التكفيري وأدواته التي يجيّش بها أتباعه، وقد أخذ الصراع السني الشيعي منعطفا خطيرا لم تشهده حتى فترات التاريخ الأكثر سوادا في الماضي الإسلامي، ولم تبق إلاّ ساعة إعلان الحرب بين الفريقين اللذين مهدا فكريا وعقديا وإيديوجيا وعلميا لهذه الحرب التي ستنهي العالم الإسلامي عن بكرة أبيه.
بلغت حدة الصراع المذهبي في العالم الإسلامي ذروتها في ظل إخفاق كل المشاريع التقريبية وتراجع الدعوات إلى الوحدة الإسلامية، وبات لكل فريق طائفي إعلامه التكفيري وأدواته التي يجيّش بها أتباعه، وقد أخذ الصراع السني الشيعي منعطفا خطيرا لم تشهده حتى فترات التاريخ الأكثر سوادا في الماضي الإسلامي، ولم تبق إلاّ ساعة إعلان الحرب بين الفريقين اللذين مهدا فكريا وعقديا وإيديوجيا وعلميا لهذه الحرب التي ستنهي العالم الإسلامي عن بكرة أبيه.
فكل فريق يتبنى إقصاء الآخر وإستئصاله، وكل طائفة تعتبر نفسها محتكرة الحقيقة والعقيدة الصافية والجنة العالية، والفهم الصحيح للإسلام، وكل من عداها في النار، ومبتدعة وخارج عن ملة الإسلام.
والأخطر ما في الأمر أنّ هذه الطائفية البغيضة تعسكرت بفضائيات شعارها التكفير والإستئصال واللجوء إلى كل الوسائل الشرعية وغير الشرعية، وإلى كل الأدلة الحقيقية والمزيفية لتجريد الآخر من أي شرعية دينية وتقديمها على أنّها أخطر من الأعداء التقليديين للعرب والمسلمين.
وكلما جبت العالم العربي والإسلامي، أسمع ما يلي: في الجغرافيا السنية هناك من يقول سوف نقضي على الرافضة كما قضى عليهم الأمويون، ومن تلاهم من حكام. وفي الجغرافيا الشيعية أسمع من يقول أنّ هؤلاء السنة أحفاد يزيد ومعاوية يجب أن يزولوا من الأرض وأن الأمر سيتولاه صاحب الأمر والزمان. وفي الجغرافيا السنية تسمع من يقول أقتلوا الروافض مكفري الصحابة، وفي الجغرافيا الشيعية تسمع من يترحم على قاتل عمر بن الخطاب الخليفة الثاني المدفون في إيران.
هذه المنطلقات والرؤى الآخذة في الصعود ستكون الشرارة التي ستجهز على العالم الإسلامي والذي أصبح اليوم مهيأ لأكبر معركة طائفية بل لأكبر حرب طائفية لم يعرفها الماضي الإسلامي عندما كان الخلاف المذهبي يندرج في سياق الرأي العلمي ومقارعة الرأي بالرأي، والذي تطور وأصبح حروب قبائل وممالك، بين القبائل المذهبية والطائفية وكانت الخلاصة ضياع العالم الإسلامي وإنهيار الحضارة الإسلامية.
والإشكال العميق أن العقليات التكفيرية في هذا الفريق وذاك تنطلق من الماضي السحيق الذي لا يرقى إلى مستوى الإجماع بين المسلمين، فربّ رواية ضعيفة قد تفجرّ حربا بين السنة والشيعة، وربّ قول مؤرّخ قد يسيل دماء قبائل لسنوات.
ولا يوجد أي محاولة جدية للتقريب بين المذاهب الإسلامية، فالتقريب في نظر السني هو تسنين الشيعي، والشيعي يعتبر التقريب مدخلا لتشييع السني، وغير ذلك من الطروحات والآراء تندرج في سياق المداراة عند السني والتقية عند الشيعي.
و إنعدام نخبة الموحدين الجديين الذين ينطلقون من هم وحدة المسلمين بدل الانتصار للطائفة والمذهب زاد الطين بلة وكرس ظاهرة العلماء الذين يفتون على إيقاع ما يريده العوام، وقد تراكمت الأحقاد والكراهية إلى درجة أن المسرح اليوم بات مهيأ لحروب الطوائف بين أبناء القبلة الواحدة.
والمصيبة أن السني الذي يدعّي أنه ينتمي إلى تراث الصحابة والعارفين بخطّ الله تجده يكذب ويسرق ويزني ويسرق أموال الزكاة ولا يلتزم بالإسلام قيد أنملة. والشيعي الذي يدعّي أنه ينتمي لعلي والحسين تجده لصا وغادرا وماكرا وفيه من كل صفات الشيطان، فما جدوى سنية بدون أخلاق الإسلام، وما جدوى تشيع بدون أخلاق الإسلام.
إن الوقت المتبقى لهذه الحرب الضروس بين أبناء لا إله إلا الله محدود، وما لم تنطلق محاولات صادقة وجدية للحفاظ على بيضة الإسلام والمسلمين فإن الحروب المقبلة ستكون بعناوين طائفة الله أكبر تغزو قبيلة الله أكبر، ومعسكر الإسلام يطيح بمعسكر القرآن، ويصبح المشهد الدرامي معقدا عندما تترافق هذه الحروب مع وجود من يدعي أنه بالتأكيد من أهل الجنة، لكن هل أصبحت الجنة مأوى للحاقدين والمعقدين والقاتلين بإسم السماء سواء من هذا الفريق أو ذاك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق