أظهرت أحدث البيانات والإحصاءات عن إندونيسيا أن اقتصادها نما خلال 2011 بمعدلات سريعة غير مسبوقة منذ الأزمة الآسيوية في 1997، وهو ما خفف من الشكوك بقدرته على تخطي التحديات التي يجلبها التباطؤ في الطلب العالمي. وارتفع الناتج المحلي الإجمالي الإندونيسي العام الماضي بنسبة 6.5%، متفوقاً على التوقعات التي رأت ألا يتجاوز نموه نسبة 6.4%.
وقال كاميل عقاد، المحلل الاقتصادي في الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية: على الرغم من أن الصادرات الإندونيسية تأثرت نتيجة لانخفاض الطلبين الأوروبي والأميركي، إلا أن الاقتصاد الإندونيسي أثبت مرونته عبر توجهه إلى الاعتماد على الاستهلاك والاستثمار المحلي. وتدعم مستويات النمو العالية التي شهدتها اندونيسيا رفع التصنيفات الأخيرة التي حازتها. فبينما تشهد أغلب الدول تراجع في تصنيفاتها الائتمانية، رفعت "فيتش"، إحدى وكالات التصنيف الثلاث الرئيسية، تصنيف الديون السيادية الإندونيسية إلى الدرجة الاستثمارية (والتي تعني أن مخاطر الإفلاس منخفضة نسبياً) في ديسمبر الماضي، وقد كان الدافع الأساسي لرفع التصنيف أولاً مرونة النمو الاقتصادي الإندونيسي وثانياً الانخفاض المستمر في مستوى الديون الحكومية، ذلك إلى جانب السياسات الحذرة التي تعتمدها. وقد تبعت وكالة "موديز" خطى "فيتش"، حيث رفعت من التصنيف الإندونيسي خلال الشهر الماضي. وقد أصبحت الأمر مسألة وقت فقط كي تقوم وكالة التصنيف الرئيسية الثالثة "ستاندرد آند بورز" برفع تصنيفها أيضاً، مما سيقلص الفجوة ما بين اندونيسيا و"دول البريك" (البرازيل وروسيا والهند والصين).
التدفقات المالية
وستوفر سلسلة ارتفاع تصنيف اندونيسيا تكلفة أقل عند الاقتراض للحكومة والشركات الإندونيسية، كما من المتوقع أن تزيد من التدفقات المالية التي ستسهل بدورها الاستثمارات في البنية التحتية ومواصلة النمو الإيجابي الحالي. وبالنظر إلى الأساسيات الاقتصادية التي تتمتع بها، فإن إندونيسيا في وضع جيد لسنوات قادمة.
وتابع في تحليل للشركة الكويتية الصينية الاستثمارية: يمكنّنا الناتج المحلي الإجمالي من قياس الناتج الاقتصادي أو حجم الاقتصاد - معدّل بالنسبة للتضخم أو الانكماش. فهو مجموع القيم المعّدلة لكافة السلع والخدمات النهائية التي تنتجها دولة أو منطقة ما خلال فترة زمنية محددة.
وتعتمد هذه القيم على كميات (حجم) وأسعار السلع المنتجة. أما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، فهو مقياس يجعل الأسعار الثابتة من خلال اعتماده على قيمة عام معين الذي يكون عام الأساس لجميع السلع والخدمات. ومن ثم، يتم استخدام هذه القيم لقياس الناتج المحلي الإجمالي للأعوام التي سبقت عام الأساس والأعوام التي تليه. كما يمكن قياس الناتج المحلي الإجمالي بعدة طرق، ومنها التي يتّبعها مكتب الإحصاء الإندونيسي، وهو الجهة الحكومية المسؤولة عن البيانات الوطنية، حيث يقيس الناتج المحلي الإجمالي بطريقة الإنفاق وإنتاج القطاعات.
الاستهلاك المحلي
ويلعب الاستهلاك الخاص دوراً مهماً في النمو في إندونيسيا التي تعتمد على الاستهلاك المحلي، ولكن تقليدياً كانت مساهمة الصادرات في الناتج المحلي الإجمالي أكبر، كما يبين الرسم البياني.
وذكر أن الاقتصاد الإندونيسي ، وهو من أكبر اقتصادات جنوب شرق آسيا، يمزج ما بين نماذج اقتصادية مختلفة ودافعة للنمو. فقد شهدت اندونيسيا نمواً كبيراً في حجم الاستثمارات مشابهاً لما حدث في الصين خلال أيامها التوسعية الأولى، فخلال العام الماضي، نمت الاستثمارات الأجنبية في اندونيسيا بنسبة 20% لتبلغ رقم قياسي قدره 20 مليار دولار. وتزيد فرص دخول مثل هذه الاستثمارات إلى اندونيسيا مع انخفاض تكلفة الاقتراض لها وزيادة الحاجة للبنية التحتية مما لا شك سيساهم في زيادة النمو. ومثيلاً لذلك، أظهر الاستهلاك المحلي مرونته أيضاً خلال العقد الأخير، معادلاً نسبة تتراوح ما بين 50% و 60% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك على الرغم من نمو حجم الصادرات بشكل سريع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق